موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأحد 3 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل12 ماي 2024


الآية [6] من سورة  

وَمَآ أَفَآءَ اَ۬للَّهُ عَلَيٰ رَسُولِهِۦ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٖ وَلَا رِكَابٖ وَلَٰكِنَّ اَ۬للَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُۥ عَلَيٰ مَنْ يَّشَآءُۖ وَاللَّهُ عَلَيٰ كُلِّ شَےْءٖ قَدِيرٞۖ


ركن التفسير

6 - (وما أفاء) رد (الله على رسوله منهم فما أوجفتم) أسرعتم يا مسلمون (عليه من) زائدة (خيل ولا ركاب) إبل أي لم تقاسوا فيه مشقة (ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير) فلا حق لكم فيه ويختص به النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذكر معه في الآية الثانية من الأصناف الأربعة على ما كان يقسمه من أن لكل منهم خمس الخمس وله صلى الله عليه وسلم الباقي يفعل فيه ما يشاء فأعطى منه المهاجرين وثلاثة من الأنصار لفقرهم

يقول تعالى مبينا ما الفيء وما صفته وما حكمه فالفيء كل مال أخذ من الكفار من غير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب كأموال بني النضير هذه فإنها مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب أي لم يقاتلوا الأعداء فيها بالمبارزة والمصاولة بل نزل أولئك من الرعب الذي ألقى الله في قلوبهم من هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاءه الله على رسوله ولهذا تصرف فيه كما يشاء فرده على المسلمين في وجوه البر والمصالح التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآيات فقال تعالى "وما أفاء الله على رسوله منهم" أي من بني النضير "فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب" يعني الإبل "ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير" أي هو قدير لا يغالب ولا يمانع بل هو القاهر لكل شيء.

﴿وما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنهم فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ ولا رِكابٍ ولَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ . يَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى جُمْلَةِ ﴿ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ﴾ [الحشر: ٥] الآيَةَ فَتَكُونُ امْتِنانًا وتَكْمِلَةً لِمَصارِفَ أمْوالِ بَنِي النَّضِيرِ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلى مَجْمُوعِ ما تَقَدَّمَ عَطْفَ القِصَّةِ عَلى القِصَّةِ والغَرَضِ عَلى الغَرَضِ لِلِانْتِقالِ إلى التَّعْرِيفِ بِمَصِيرِ أمْوالِ بَنِي النَّضِيرِ لِئَلا يَخْتَلِفَ رِجالُ المُسْلِمِينَ في قِسْمَتِهِ. ولِبَيانِ أنَّ ما فَعَلَهُ الرَّسُولُ ﷺ في قِسْمَةِ أمْوالِ بَنِي النَّضِيرِ هو عَدْلٌ إنْ كانَتِ الآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ القِسْمَةِ وما صَدْقُ ما أفاءَ اللَّهُ هو ما تَرَكُوهُ مِنَ الأرْضِ والنَّخْلِ والنَّقْضِ والحَطَبِ. والفَيْءُ مَعْرُوفٌ في اصْطِلاحِ الغُزاةِ فَفِعْلُ أفاءَ أعْطى الفَيْءَ، فالفَيْءُ في الحُرُوبِ والغاراتِ ما يَظْفَرُ بِهِ الجَيْشُ مِن مَتاعِ عَدُوِّهِمْ وهو أعَمُّ مِنَ الغَنِيمَةِ ولَمْ يَتَحَقَّقْ أيِمَّةُ اللُّغَةِ في أصْلِ اشْتِقاقِهِ فَيَكُونُ الفَيْءُ بِقِتالٍ ويَكُونُ بِدُونِ قِتالٍ وأمّا الغَنِيمَةُ فَهي ما أُخِذَ بِقِتالٍ. وضَمِيرُ (مِنهم) عائِدٌ إلى الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ الواقِعِ في أوَّلِ السُّورَةِ وهم بَنُو النَّضِيرِ. وقِيلَ: أُرِيدَ بِهِ الكُفّارُ، وأنَّهُ نَزَلَ في فَيْءِ فَدَكَ فَهَذا بَعِيدٌ ومُخالِفٌ لِلْآثارِ. (p-٧٩)وقَوْلُهُ ﴿فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ﴾ خَبَرٌ عَنْ (ما) المَوْصُولَةِ قُرِنَ بِالفاءِ لِأنَّ المَوْصُولَ كالشَّرْطِ لَتَضَمُّنِهِ مَعْنى التَّسَبُّبِ كَما تَقَدَّمَ آنِفًا في قَوْلِهِ فَبِإذْنِ اللَّهِ. وهُوَ بِصَرِيحِهِ امْتِنانٌ عَلى المُسْلِمِينَ بِأنَّ اللَّهَ ساقَ لَهم أمْوالَ بَنِي النَّضِيرِ دُونَ قِتالٍ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وكَفى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتالَ﴾ [الأحزاب: ٢٥]، ويُفِيدُ مَعَ ذَلِكَ كِنايَةً بِأنْ يَقْصِدَ بِالإخْبارِ عَنْهُ بِأنَّهم لَمْ يُوجِفُوا عَلَيْهِ لازِمَ الخَبَرِ وهو أنَّهُ لَيْسَ لَهم سَبَبُ حَقٍّ فِيهِ. والمَعْنى: فَما هو مِن حَقِّكم، أوْ لا تَسْألُوا قِسْمَتَهُ لِأنَّكم لَمْ تَنالُوهُ بِقِتالِكم ولَكِنَّ اللَّهَ أعْطاهُ رَسُولَهُ ﷺ نِعْمَةً مِنهُ بِلا مَشَقَّةٍ ولا نَصَبٍ. والإيجافُ: نَوْعٌ مِن سَيْرِ الخَيْلِ. وهو سَيْرٌ سَرِيعٌ بِإيقاعِ وأُرِيدَ بِهِ الرَّكْضُ لِلْإغارَةِ لِأنَّهُ يَكُونُ سَرِيعًا. والرِّكابُ: اسْمُ جَمْعٍ لِلْإبِلِ الَّتِي تُرْكَبُ. والمَعْنى: ما أغَرْتُمْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ ولا إبِلٍ. وحَرْفُ (عَلى) في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ﴾ لِلتَّعْلِيلِ، ولَيْسَ لِتَعْدِيَةِ أوْجَفْتُمْ لَأنَّ مَعْنى الإيجافِ لا يَتَعَدّى إلى الفَيْءِ بِحَرْفِ الجَرِّ، أوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وهو مَصْدَرُ أوْجَفْتُمْ، أيْ إيجافًا لِأجْلِهِ. و(مِن) في قَوْلِهِ (مِن خَيْلٍ) زائِدَةٌ داخِلَةٌ عَلى النَّكِرَةِ في سِياقِ النَّفْيِ ومَدْخُولُ (مِن) في مَعْنى المَفْعُولِ بِهِ لِ (أوْجَفْتُمْ) أيْ ما سُقْتُمْ خَيْلًا ولا رِكابًا. وقَوْلُهُ ﴿ولَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ﴾ اسْتِدْراكٌ عَلى النَّفْيِ الَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أنَّهُ لا حَقَّ فِيهِ لِأحَدٍ. والمُرادُ: أنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْهِ رَسُولَهُ ﷺ . فالرَّسُولُ أحَقُّ بِهِ. وهَذا التَّرْكِيبُ يُفِيدُ قَصْرًا مَعْنَوِيًّا كَأنَّهُ قِيلَ: فَما سَلَّطَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ولَكِنْ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ ﷺ . وفِي قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ﴾ إيجازُ حَذْفٍ لِأنَّ التَّقْدِيرَ: ولَكِنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ ﷺ . واللَّهُ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ وكانَ هَذا بِمَنزِلَةِ التَّذْيِيلِ لِعِمُومِهِ وهو دالٌّ عَلى المُقَدَّرِ. (p-٨٠)وعُمُومُ مَن يَشاءُ لِشِمُولِ أنَّهُ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مُقاتِلِينَ ويُسَلِّطُهم عَلى غَيْرِ المُقاتِلِينَ. والمَعْنى: وما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ ﷺ إنَّما هو بِتَسْلِيطِ اللَّهِ رَسُولَهُ ﷺ، وإلْقاءِ الرُّعْبِ في قُلُوبِهِمْ واللَّهُ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ. فَأغْنى التَّذْيِيلُ عَنِ المَحْذُوفِ، أيْ فَلا حَقَّ لَكم فِيهِ فَيَكُونُ مِن مالِ اللَّهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ووُلاةُ الأُمُورِ مِن بَعْدِهِ. فَتَكُونُ الآيَةُ تَبْيِينًا لِما وقَعَ في قِسْمَةِ فَيْءِ بَنِي النَّضِيرِ. ذَلِكَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يُقَسِّمْهُ عَلى جَمِيعِ الغُزاةِ ولَكِنْ قَسَمَهُ عَلى المُهاجِرِينَ سَواءٌ كانُوا مِمَّنْ غَزَوْا مَعَهُ أمْ لَمْ يَغْزُوا إذْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُهاجِرِينَ أمْوالٌ. فَأرادَ أنْ يَكْفِيَهم ويَكْفِيَ الأنْصارَ ما مَنَحُوهُ المُهاجِرِينَ مِنَ النَّخِيلِ. ولَمْ يُعْطِ مِنهُ الأنْصارَ إلّا ثَلاثَةً لِشِدَّةِ حاجَتِهِمْ وهم أبُو دُجانَةَ (سِماكُ بْنُ خُزَيْنَةَ)، وسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، والحارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ. وأعْطى سَعْدَ بْنَ مُعاذٍ سَيْفَ أبِي الحُقَيْقِ، وكُلُّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ بِاجْتِهادِ الرَّسُولِ ﷺ لِأنَّ اللَّهَ جَعَلَ تِلْكَ الأمْوالَ لَهُ. فَإنْ كانَتِ الآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ أنْ قُسِّمَتْ أمْوالُ النَّضِيرِ كانَتْ بَيانًا بِأنَّ ما فَعَلَهُ الرَّسُولُ ﷺ حَقٌّ، أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، أوْ جَعَلَهُ إلَيْهِ، وإنْ كانَتْ نَزَلَتْ قَبْلَ القِسْمَةِ، إذْ رُوِيَ أنَّ سَبَبَ نُزُولِها أنَّ الجَيْشَ سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَخْمِيسَ أمْوالِ بَنِي النَّضِيرِ مِثْلِ غَنائِمَ بَدْرٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، وكانَتِ الآيَةُ تَشْرِيعًا لِاسْتِحْقاقِ هَذِهِ الأمْوالِ. قالَ أبُو بَكْرُ بْنُ العَرَبِيِّ لا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ أنَّ الآيَةَ الأُولى خاصَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أيْ هَذِهِ الآيَةُ الأُولى مِنَ الآيَتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ في هَذِهِ السُّورَةِ خاصَّةٌ بِأمْوالِ بَنِي النَّضِيرِ، وعَلى أنَّها خاصَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَضَعُها حَيْثُ يَشاءُ. وبِذَلِكَ قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ بِمَحْضِرِ عُثْمانَ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، والزُّبَيْرِ، وسَعْدٍ، وهو قَوْلُ مالِكٍ فِيما رَوى عَنْهُ ابْنُ القاسِمِ وابْنُ وهْبٍ. قالَ: كانَتْ أمْوالُ بَنِي النَّضِيرِ صافِيَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، واتَّفَقُوا عَلى أنَّ النَّبِيءَ ﷺ لَمْ يُخَمِّسْها. واخْتُلِفَ في القِياسِ عَلَيْها كُلُّ مالٍ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: (p-٨١)قالَ بَعْضُ العُلَماءِ وكَذَلِكَ كُلُّ ما فَتَحَ اللَّهُ عَلى الأيِمَّةِ مِمّا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ فَهو لَهم خاصَّةً اهـ. وسَيَأْتِي تَفْسِيرُ ذَلِكَ في الآيَةِ بَعْدَها.


ركن الترجمة

You did not charge with horse or camel for whatever (spoils) God gave His Apostle from them. In any case, God gives authority to His Apostle over whomsoever He please. God has power over everything.

Le butin provenant de leurs biens et qu'Allah a accordé sans combat à Son Messager, vous n'y aviez engagé ni chevaux, ni chameaux; mais Allah, donne à Ses messagers la domination sur qui Il veut et Allah est Omnipotent.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :