موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأحد 10 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل19 ماي 2024


الآية [148] من سورة  

وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعْدِهِۦ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُۥ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُوا۟ ظَٰلِمِينَ


ركن التفسير

148 - (واتخذ قوم موسى من بعده) أي بعد ذهابه إلى المناجاة (من حُلِيِّهم) الذي استعاروه من قوم فرعون بعلَّة عرس فبقي عندهم (عجلاً) صاغه لهم منه السامري (جسداً) بدل من لحما ودما (له خوار) أي صوت يسمع انقلب كذلك بوضع التراب الذي أخذه من حافر جبريل في فمه فإن أثره الحياة فيما يوضع فيه ، ومفعول اتخذ الثاني محذوف أي إلها (ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا) فكيف يتخذ إلها (اتخذوه) إلها (وكانوا ظالمين) باتخاذه

يخبر تعالى عن ضلال من ضل من بني إسرائيل في عبادتهم العجل الذي اتخذه لهم السامري من حلي القبط الذي كانوا استعاروه منهم فشكل لهم منه عجلا ثم ألقى فيه القبضة من التراب التي أخذها من أثر فرس جبريل عليه السلام فصام فصار عجلا جسدا له خوار والخوار صوت البقر وكان هذا منهم بعد ذهاب موسى لميقات الله تعالى فأعلمه الله تعالى بذلك وهو على الطور حيث يقول تعالى إخبارا عن نفسه الكريمة قال "فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري" وقد اختلف المفسرون في هذا العجل هل صار لحما ودما له خوار أو استمر على كونه من ذهب إلا أنه يدخل فيه الهواء فيصوت كالبقر على قولين والله أعلم ويقال إنهم لما صوت لهم العجل رقصوا حوله وافتنوا به وقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي قال الله تعالى "أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا "وقال في هذه الآية الكريمة "ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا" ينكر تعالى عليهم في ضلالهم بالعجل وذهولهم عن خالق السموات والأرض ورب كل شيء ومليكه أن عبدوا معه عجلا جسدا له خوار لا يكلمهم ولا يرشدهم إلى خير ولكن غطى على أعين بصائرهم عمى الجهل والضلال كما تقدم من رواية الإمام أحمد وأبو داود عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حبك الشيء يعمي ويصم".

﴿واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِن بَعْدِهِ مِن حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوارٌ ألَمْ يَرَوْا أنَّهُ لا يُكَلِّمُهم ولا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وكانُوا ظالِمِينَ﴾ عُطِفَ عَلى جُمْلَةِ وواعَدْنا مُوسى عَطْفَ قِصَّةٍ عَلى قِصَّةٍ، فَذُكِرَ فِيما تَقَدَّمَ قِصَّةُ المُناجاةِ وما حَصَلَ فِيها مِنَ الآياتِ والعِبَرِ، وذُكِرَ في هَذِهِ الآيَةِ ما كانَ مِن قَوْمِ مُوسى، في مُدَّةِ مَغِيبِهِ في المُناجاةِ، مِنَ الإشْراكِ. فَقَوْلُهُ مِن بَعْدِهِ أيْ مِن بَعْدِ مَغِيبِهِ، كَما هو مَعْلُومٌ مِن قَوْلِهِ ﴿ولَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا﴾ [الأعراف: ١٤٣] ومِن قَوْلِهِ ﴿وقالَ مُوسى لِأخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي في قَوْمِي﴾ [الأعراف: ١٤٢] . وحَذْفُ المُضافِ مَعَ (بَعْدِ) المُضافَةِ إلى اسْمِ المُتَحَدَّثِ عَنْهُ شائِعٌ في كَلامِ العَرَبِ، كَما تَقَدَّمَ في نَظِيرِها مِن سُورَةِ البَقَرَةِ. و(مِن) في مِثْلِهِ لِلِابْتِداءِ، وهو أصْلُ مَعانِي (مِن) وأمّا (مِن) في قَوْلِهِ مِن حُلِيِّهِمْ فَهي لِلتَّبْعِيضِ. والحُلِيُّ بِضَمِّ الحاءِ وكَسْرِ اللّامِ وتَشْدِيدِ المُثَنّاةِ التَّحْتِيَّةِ، جَمْعُ حَلْيٍ، بِفَتْحِ الحاءِ وسُكُونِ اللّامِ وتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، ووَزْنُ هَذا الجَمْعِ فُعُولٌ كَما جُمِعَ ثُدِيُّ، ويَجْمَعُ أيْضًا عَلى حِلِيٍّ، بِكَسْرِ الحاءِ مَعَ اللّامِ، مِثْلَ عِصِيٍّ وقِسِيٍّ اتْباعًا لِحَرَكَةِ العَيْنِ، وبِالأوَّلِ قَرَأ جُمْهُورُ العَشَرَةِ، وبِالثّانِي حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وقَرَأ يَعْقُوبُ ”حَلْيِهِمْ“ بِفَتْحِ الحاءِ وسُكُونِ اللّامِ عَلى صِيغَةِ الإفْرادِ، أيِ اتَّخَذُوا مِن مَصُوغِهِمْ وفي التَّوْراةِ أنَّهُمُ اتَّخَذُوهُ مِن ذَهَبٍ، نَزَعُوا أقْراطَ الذَّهَبِ الَّتِي في آذانِ نِسائِهِمْ وبَناتِهِمْ وبَنِيهِمْ. والعِجْلُ ولَدُ البَقَرَةِ قَبْلَ أنْ يَصِيرَ ثَوْرًا، وذُكِرَ في سُورَةِ (طه) أنَّ صانِعَ العِجْلِ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ السّامِرِيُّ، وفي التَّوْراةِ أنَّ صانِعَهُ هو هارُونُ، وهَذا مِن تَحْرِيفِ الكَلِمِ عَنْ مَواضِعِهِ الواقِعِ في التَّوْراةِ بَعْدَ مُوسى، ولَمْ يَكُنْ هارُونُ صائِغًا، ونُسِبَ الِاتِّخاذُ إلى قَوْمِ مُوسى كُلِّهِمْ عَلى طَرِيقَةِ المَجازِ العَقْلِيِّ لِأنَّهُمُ الآمِرُونَ بِاتِّخاذِهِ، والحَرِيصُونَ عَلَيْهِ، وهَذا مَجازٌ شائِعٌ في كَلامِ العَرَبِ. ومَعْنى اتَّخَذُوا عِجْلًا صُورَةَ عِجْلٍ، وهَذا مِن مَجازِ الصُّورَةِ، وهو شائِعٌ في الكَلامِ. (p-١١٠)والجَسَدُ الجِسْمُ الَّذِي لا رُوحَ فِيهِ، فَهو خاصٌّ بِجِسْمِ الحَيَوانِ إذا كانَ بِلا رُوحٍ، والمُرادُ أنَّهُ كَجِسْمِ العِجْلِ في الصُّورَةِ والمِقْدارِ إلّا أنَّهُ لَيْسَ بِحَيٍّ وما وقَعَ في القَصَصِ: أنَّهُ كانَ لَحْمًا ودَمًا يَأْكُلُ ويَشْرَبُ، فَهو مِن وضْعِ القَصّاصِينَ، وكَيْفَ والقُرْآنُ يَقُولُ مِن حُلِيِّهِمْ ويَقُولُ لَهُ خُوارٌ فَلَوْ كانَ لَحْمًا ودَمًا لَكانَ ذِكْرُهُ أدْخَلَ في التَّعْجِيبِ مِنهُ. والخُوارُ بِالخاءِ المُعْجَمَةِ صَوْتُ البَقَرِ، وقَدْ جَعَلَ صانِعُ العِجْلِ في باطِنِهِ تَجْوِيفًا عَلى تَقْدِيرٍ مِنَ الضِّيقِ مَخْصُوصٍ واتَّخَذَ لَهُ آلَةً نافِخَةً خَفِيَّةً فَإذا حُرِّكَتْ آلَةُ النَّفْخِ انْضَغَطَ الهَواءُ في باطِنِهِ، وخَرَجَ مِنَ المَضِيقِ، فَكانَ لَهُ صَوْتٌ كالخُوارِ، وهَذِهِ صَنْعَةٌ كَصَنْعَةِ الصَّفّارَةِ والمِزْمارِ، وكانَ الكَنْعانِيُّونَ يَجْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ لِصُنْعِهِما المُسَمّى بَعْلًا. و(جَسَدًا) نَعْتٌ لِـ (عِجْلًا) وكَذَلِكَ لَهُ خُوارٌ. وجُمْلَةُ ألَمْ يَرَوْا أنَّهُ لا يُكَلِّمُهم مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا ابْتِدائِيًّا لِبَيانِ فَسادِ نَظَرِهِمْ في اعْتِقادِهِمْ. والِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيرِ ولِلتَّعْجِيبِ مِن حالِهِمْ، ولِذَلِكَ جُعِلَ الِاسْتِفْهامُ عَنْ نَفْيِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأنَّ نَفْيَ الرُّؤْيَةِ هو غَيْرُ الواقِعِ مِن حالِهِمْ في نَفْسِ الأمْرِ ولَكِنَّ حالَهم يُشْبِهُ حالَ مَن لا يَرَوْنَ عَدَمَ تَكْلِيمِهِ، فَوَقَعَ الِاسْتِفْهامُ عَنْهُ لَعَلَّهم لَمْ يَرَوْا ذَلِكَ، مُبالَغَةً، وهو لِلتَّعْجِيبِ ولَيْسَ لِلْإنْكارِ، إذْ لا يُنْكَرُ ما لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وبِهَذا يُعْلَمُ أنَّ مَعْنى كَوْنِهِ في هَذا المَقامِ بِمَنزِلَةِ النَّفْيِ لِلنَّفْي إنَّما نَشَأ مِن تَنْزِيلِ المَسْئُولِ عَنْهم مَنزِلَةَ مَن لا يَرى، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٤٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ. والرُّؤْيَةُ بَصَرِيَّةٌ لِأنَّ عَدَمَ تَكْلِيمِ العِجْلِ إيّاهم مُشاهَدٌ لَهم؛ لِأنَّ عَدَمَ الكَلامِ يُرى مِن حالِ الشَّيْءِ الَّذِي لا يَتَكَلَّمُ، بِانْعِدامِ آلَةِ التَّكَلُّمِ وهو الفَمُ الصّالِحُ لِلْكَلامِ، وبِتَكَرُّرِ دُعائِهِمْ إيّاهُ وهو لا يُجِيبُ. وقَدْ سَفِهَ رَأْيُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجْلَ إلَهًا بِأنَّهم يُشاهِدُونَ أنَّهُ لا يُكَلِّمُهم ولا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا، ووَجْهُ الِاسْتِدْلالِ بِذَلِكَ عَلى سَفَهِ رَأْيِهِمْ هو أنَّهم لا شُبْهَةَ لَهم في اتِّخاذِهِ إلَهًا بِأنَّ خَصائِصَهُ خَصائِصُ العَجْماواتِ، فَجِسْمُهُ جِسْمُ عِجْلٍ، وهو مِن نَوْعٍ لَيْسَ أرْقى أنْواعِ المَوْجُوداتِ المَعْرُوفَةِ، وصَوْتُهُ صَوْتُ البَقَرِ، وهو صَوْتٌ (p-١١١)لا يُفِيدُ سامِعَهُ، ولا يُبَيِّنُ، خِطابًا ولَيْسَ هو بِالَّذِي يَهْدِيهِمْ إلى أمْرٍ يَتَّبِعُونَهُ حَتّى تُغْنِيَ هِدايَتُهم عَنْ كَلامِهِ، فَهو مِنَ المَوْجُوداتِ المُنْحَطَّةِ عَنْهم، وهَذا كَقَوْلِ إبْراهِيمَ فاسْألُوهم إنْ كانُوا يَنْطِقُونَ فَماذا رَأوْا مِنهُ مِمّا يَسْتَأْهِلُ الإلَهِيَّةَ، فَضْلًا عَلى أنْ تَرْتَقِيَ بِهِمْ إلى الصِّفاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّها الإلَهُ الحَقُّ، والَّذِينَ عَبَدُوهُ أشْرَفُ مِنهُ حالًا وأهْدى، ولَيْسَ المَقْصُودُ مِن هَذا الِاسْتِدْلالِ عَلى الأُلُوهِيَّةِ بِالتَّكْلِيمِ والهِدايَةِ، وإلّا لَلَزِمَ إثْباتُ الإلَهِيَّةِ لِحُكَماءِ البَشَرِ. وجُمْلَةُ اتَّخَذُوهُ مُؤَكِّدَةٌ لِجُمْلَةِ واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ، والغَرَضِ مِنَ التَّوْكِيدِ في مِثْلِ هَذا المَقامِ هو التَّكْرِيرُ لِأجْلِ التَّعْجِيبِ، كَما يُقالُ: نَعَمِ اتَّخَذُوهُ، ولِتُبْنى عَلَيْهِ جُمْلَةُ وكانُوا ظالِمِينَ فَيَظْهَرُ أنَّها مُتَعَلِّقَةٌ بِاتِّخاذِ العِجْلِ، وذَلِكَ لِبُعْدِ جُمْلَةِ ﴿واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى﴾ بِما ولِيَها مِنَ الجُمْلَةِ وهَذا كَقَوْلِهِ ﴿ولْيَكْتُبْ بَيْنَكم كاتِبٌ بِالعَدْلِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] إلى قَوْلِهِ فَلْيَكْتُبْ أُعِيدَ فَلْيَكْتُبْ لِتُبْنى عَلَيْهِ جُمْلَةُ ولْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ، وهَذا التَّكْرِيرُ يُفِيدُ مَعَ ذَلِكَ التَّوْكِيدَ وما يَتَرَتَّبُ عَلى التَّوْكِيدِ. وجُمْلَةُ وكانُوا ظالِمِينَ في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المَرْفُوعِ في قَوْلِهِ (اتَّخَذُوهُ) وهَذا كَقَوْلِهِ في سُورَةِ البَقَرَةِ ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ العِجْلَ مِن بَعْدِهِ وأنْتُمْ ظالِمُونَ﴾ [البقرة: ٥١] .


ركن الترجمة

In the absence of Moses his people prepared the image of a calf from their ornaments, which gave out the mooing of a cow. Yet they did not see it could neither speak to them nor guide them to the right path. Even then they took it (for a deity) and did wrong.

Et le peuple de Moïse adopta après lui un veau, fait de leurs parures: un corps qui semblait mugir. N'ont-ils pas vu qu'il ne leur parlait point et qu'il ne les guidait sur aucun chemin? Ils l'adoptèrent [comme divinité], et ils étaient des injustes.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :