موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأحد 10 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل19 ماي 2024


الآية [163] من سورة  

وَسْـَٔلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ يَفْسُقُونَ


ركن التفسير

163 - (واسألهم) يا محمد توبيخاً (عن القرية التي كانت حاضرة البحر) مجاورة بحر القلزم وهي أيلة ما وقع بأهلها (إذ يعدون) يعتدون (في السبت) بصيد السمك المأمورين بتركه فيه (إذ) ظرف ليعدوه (تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً) ظاهرة على الماء (ويوم لا يسبتون) لا يعظمون السبت أي سائر الأيام (لا تأتيهم) ابتلاء من الله (كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) ولما صادوا السمك افترقت القرية أثلاثاً ثلثٌ صادوا معهم وثلثٌ نهوهم وثلثٌ أمسكوا عن الصيد والنهي

هذا السياق هو بسط لقوله تعالى "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت" الآية. يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه "واسألهم" أي واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم وهذه القرية هي أيلة وهي على شاطئ بحر القلزم قال محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" قال هي قرية يقال لها أيلة بين مدين والطور وكذا قال عكرمة ومجاهد وقتادة والسدي وقال عبدالله بن كثير القارئ سمعنا أنها أيلة وقيل هي مدين وهو رواية عن ابن عباس وقال ابن زيد هي قرية يقال لها معتا بين مدين وعينونا وقوله "إذ يعدون في السبت" أي يعتدون فيه ومخالفون أمر الله فيه لهم بالوصاة به إذ ذاك "إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا" قال الضحاك عن ابن عباس أي ظاهرة على الماء وقال العوفي عن ابن عباس ظاهرة من كل مكان قال ابن جرير وقوله "ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم" أي نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده وإخفائها عنهم في اليوم الحلال لهم صيده "كذلك نبلوهم" نختبرهم "بما كانوا يفسقون" يقول بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها وهؤلاء قوم احتالوا على انتهاك محارم الله بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام وقد قال الفقيه الإمام أبو عبدالله بن بطة رحمه الله حدثنا أحمد بن محمد بن سلم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" وهذا إسناد جيد فإن أحمد بن محمد بن سلم هذا ذكره الخطيب في تاريخه ووثقه وباقي رجاله مشهورون ثقات ويصحح الترمذي بمثل هذا الإسناد كثيرا.

﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ البَحْرِ إذْ يَعْدُونَ في السَّبْتِ إذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهم يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا ويَوْمَ لا يِسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهم بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ غُيِّرَ أُسْلُوبُ الخَبَرِ عَنْ بَنِي إسْرائِيلَ هُنا: فابْتُدِئَ ذِكْرُ هَذِهِ القِصَّةِ بِطَلَبِ أنْ يَسْألَ سائِلٌ بَنِي إسْرائِيلَ الحاضِرِينَ عَنْها، فَنَعْلَمُ مِن ذَلِكَ أنَّ لِهَذِهِ القَصَصِ الآتِيَةِ شَأْنًا غَيْرَ شَأْنِ القِصَصِ الماضِيَةِ، ولا أحْسَبُ ذَلِكَ إلّا مِن أجْلِ أنَّ هَذِهِ القِصَّةَ لَيْسَتْ مِمّا كُتِبَ في تَوْراةِ اليَهُودِ ولا في كُتُبِ أنْبِيائِهِمْ، ولَكِنَّها مِمّا كانَ مَرْوِيًّا عَنْ أحْبارِهِمْ، ولِذَلِكَ افْتُتِحَتْ بِالأمْرِ بِسُؤالِهِمْ عَنْها، لِإشْعارِ يَهُودِ العَصْرِ النَّبَوِيِّ بِأنَّ اللَّهَ أطْلَعَ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - عَلَيْها، وهم كانُوا يَكْتُمُونَها، وذَلِكَ أنَّ الحَوادِثَ الَّتِي تَكُونُ مَواعِظَ لِلْأُمَّةِ فِيما (p-١٤٧)اجْتَرَحَتْهُ مِنَ المُخالَفاتِ والمَعاصِي تُبْقِي لَها عَقِبَ المَوْعِظَةِ أثَرًا قَدْ تُعَيَّرُ الأُمَّةُ بِهِ، ولَكِنَّ ذَلِكَ التَّعْبِيرَ لا يُؤْبَهُ بِهِ في جانِبِ ما يَحْصُلُ مِنَ النَّفْعِ لَها بِالمَوْعِظَةِ، فالأُمَّةُ في خُوَيِّصَّتِها لا يَهْتَمُّ قادَتُها ونُصَحاؤُها إلّا بِإصْلاحِ الحالِ، وإنْ كانَ في ذِكْرِ بَعْضِ تِلْكَ الأحْوالِ غَضاضَةٌ عِنْدَها وامْتِعاضٌ، فَإذا جاءَ حُكْمُ التّارِيخِ العامِّ بَيْنَ الأُمَمِ تَناوَلَتِ الأُمَمُ أحْوالَ تِلْكَ الأُمَّةِ بِالحُكْمِ لَها وعَلَيْها، فَبَقِيَتْ حَوادِثُ فَلَتاتِها مَغْمَزًا عَلَيْها ومَعَرَّةً تُعَيَّرُ بِها. وكَذَلِكَ كانَ شَأْنُ اليَهُودِ لَمّا أضاعُوا مُلْكَهم ووَطَنَهم وجاوَرُوا أُمَمًا أُخْرى فَأصْبَحُوا يَكْتُمُونَ عَنْ أُولَئِكَ الجِيرَةِ مَساوِئَ تارِيخِهِمْ، حَتّى أرْسَلَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ فَعَلَّمَهُ مِن أحْوالِهِمْ ما فِيهِ مُعْجِزَةٌ لِأسْلافِهِمْ، وما بَقِيَ مَعَرَّةً لِأخْلافِهِمْ، وذَلِكَ تَحَدٍّ لَهم، ووَخْزٌ عَلى سُوءِ تَلَقِّيهِمُ الدَّعْوَةَ المُحَمَّدِيَّةَ بِالمَكْرِ والحَسَدِ. فالسُّؤالُ هُنا في مَعْنى التَّقْرِيرِ لِتَقْرِيعِ بَنِي إسْرائِيلَ وتَوْبِيخِهِمْ وعَدِّ سَوابِقِ عِصْيانِهِمْ، أيْ لَيْسَ عِصْيانُهم إيّاكَ بِبِدْعٍ، فَإنَّ ذَلِكَ شِنْشِنَةٌ قَدِيمَةٌ فِيهِمْ، ولَيْسَ سُؤالَ الِاسْتِفادَةِ لِأنَّ الرَّسُولَ ﷺ قَدْ أُعْلِمَ بِذَلِكَ مِن جانِبِ رَبِّهِ - تَعالى - . وهو نَظِيرُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ التَّقْرِيرِيِّ فَوِزانُ (﴿واسْألْهم عَنِ القَرْيَةِ﴾) وزِانُ: أعَدَوْتُمْ في السَّبْتِ، فَإنَّ السُّؤالَ في كَلامِ العَرَبِ عَلى نَوْعَيْنِ أشْهَرُهُما أنْ يَسْألَ السّائِلُ عَمّا لا يَعْلَمُهُ لِيَعْلَمَهُ، والآخَرُ أنْ يَسْألَ عَلى وجْهِ التَّقْرِيرِ حِينَ يَكُونُ السّائِلُ يَعْلَمُ حُصُولَ المَسْئُولِ عَنْهُ، ويَعْلَمُ المَسْئُولُ أنَّ السّائِلَ عالِمٌ وأنَّهُ إنَّما سَألَهُ لِيُقَرِّرَهُ. وجُمْلَةُ (واسْألْهم) عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿وإذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ القَرْيَةَ﴾ [الأعراف: ١٦١] واقِعَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ قَصَصِ الِامْتِنانِ وقَصَصِ الِانْتِقامِ الآتِيَةِ في قَوْلِهِ وقَطَّعْناهم، ومُناسَبَةُ الِانْتِقالِ إلى هَذِهِ القِصَّةِ أنَّ في كِلْتا القِصَّتَيْنِ حَدِيثًا يَتَعَلَّقُ بِأهْلِ قَرْيَةٍ مِن قُرى بَنِي إسْرائِيلَ. وتَقَدَّمَ ذِكْرُ القَرْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿ولَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكم في السَّبْتِ﴾ [البقرة: ٦٥] الآيَةَ مِن سُورَةِ البَقَرَةِ. وهَذِهِ القَرْيَةُ قِيلَ (أيْلَةُ) وهي المُسَمّاةُ اليَوْمَ (العَقَبَةَ) وهي مَدِينَةٌ عَلى ساحِلِ البَحْرِ الأحْمَرِ قُرْبَ شِبْهِ جَزِيرَةِ طُورِ سِينا، وهي مَبْدَأُ أرْضِ الشّامِ مِن جِهَةِ مِصْرَ، وكانَتْ مِن مَمْلَكَةِ إسْرائِيلَ في زَمانِ داوُدَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -، ووُصِفَتْ بِأنَّها حاضِرَةُ البَحْرِ بِمَعْنى الِاتِّصالِ بِالبَحْرِ والقُرْبِ مِنهُ؛ لِأنَّ الحُضُورَ يَسْتَلْزِمُ القُرْبَ، وكانَتْ (أيْلَةُ) مُتَّصِلَةً بِخَلِيجٍ مِنَ البَحْرِ الأحْمَرِ وهو القُلْزُمُ. (p-١٤٨)وقِيلَ هي (طَبَرِيَّةُ) وكانَتْ طَبَرِيَّةُ تُدْعى بُحَيْرَةَ طَبَرِيَّةَ، وقَدْ قالَ المُفَسِّرُونَ: أنَّ هَذِهِ القِصَّةَ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْها في هَذِهِ الآيَةِ كانَتْ في مُدَّةِ داوُدَ. وأُطْلِقَتِ القَرْيَةُ عَلى أهْلِها بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إذْ يَعْدُونَ أيْ أهْلُها. والمُرادُ السُّؤالُ عَنِ اعْتِدائِهِمْ في السَّبْتِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ﴿إذْ يَعْدُونَ في السَّبْتِ﴾ إلَخْ فَقَوْلُهُ ﴿إذْ يَعْدُونَ في السَّبْتِ﴾ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِنَ القَرْيَةِ وهو المَقْصُودُ بِالحُكْمِ، فَتَقْدِيرُ الكَلامِ: واسْألْهم إذْ يَعْدُو أهْلُ القَرْيَةِ في السَّبْتِ. و(إذْ) فِيهِ اسْمُ زَمانٍ لِلْماضِي، ولَيْسَتْ ظَرْفًا. والعُدْوانُ الظُّلْمُ ومُخالَفَةُ الحَقِّ، وهو مُشْتَقٌّ مِنَ العَدْوِ بِسُكُونِ الدّالِ وهو التَّجاوُزُ. والسَّبْتُ عَلَمٌ لِلْيَوْمِ الواقِعِ بَعْدَ يَوْمِ الجُمُعَةِ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿وقُلْنا لَهم لا تَعْدُوا في السَّبْتِ﴾ [النساء: ١٥٤] في سُورَةِ النِّساءِ. واخْتِيارُ صِيغَةِ المُضارِعِ لِلدَّلالَةِ عَلى تَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنهم. وتَعْدِيَةُ فِعْلِ يَعْدُونَ إلى في السَّبْتِ مُؤْذِنٌ بِأنَّ العُدْوانَ لِأجْلِ يَوْمِ السَّبْتِ، نَظَرًا إلى ما دَلَّتْ عَلَيْهِ صِيغَةُ المُضارِعِ مِنَ التَّكْرِيرِ المُقْتَضِي أنَّ عُدْوانَهم يَتَكَرَّرُ في كُلِّ سَبْتٍ، ونَظَرًا إلى أنَّ ذِكْرَ وقْتِ العُدْوانِ لا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضُ البَلِيغِ ما لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الوَقْتِ مَزِيدُ اخْتِصاصٍ بِالفِعْلِ فَيُعْلَمُ أنَّ الِاعْتِداءَ كانَ مَنُوطًا بِحَقٍّ خاصٍّ بِيَوْمِ السَّبْتِ، وذَلِكَ هو حَقُّ عَدَمِ العَمَلِ فِيهِ، إذْ لَيْسَ لِيَوْمِ السَّبْتِ حَقٌّ في شَرِيعَةِ مُوسى سِوى أنَّهُ يُحَرَّمُ العَمَلُ فِيهِ، وهَذا العَمَلُ هو الصَّيْدُ كَما تَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ القِصَّةِ. وهَدَفُ (في) لِلظَّرْفِيَّةِ لِأنَّ العُدْوانَ وقَعَ في شَأْنِ نَقْضِ حُرْمَةِ السَّبْتِ. وقَوْلُهُ ﴿إذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ﴾ ظَرْفٌ لِـ يَعْدُونَ أيْ يَعْدُونَ حِينَ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهم. والحِيتانُ جَمْعُ حُوتٍ، وهو السَّمَكَةُ، ويُطْلَقُ الحُوتُ عَلى الجَمْعِ فَهو مِمّا اسْتَوى فِيهِ المُفْرَدُ والجَمْعُ مِثْلُ فُلْكٍ، وأكْثَرُ ما يُطْلَقُ الحُوتُ عَلى الواحِدِ، والجَمْعُ حِيتانُ. وقَوْلُهُ شُرَّعًا وهو جَمْعُ شارِعٍ، صِفَةٌ لِلْحُوتِ الَّذِي هو المُفْرَدُ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أيْ ظاهِرَةً عَلى الماءِ، يَعْنِي أنَّها قَرِيبَةٌ مِن سَطْحِ البَحْرِ آمِنَةً مِن أنْ تُصادَ، أيْ أنَّ اللَّهَ ألْهَمَها ذَلِكَ لِتَكُونَ آيَةً لِبَنِي إسْرائِيلَ عَلى أنَّ احْتِرامَ السَّبْتِ مِنَ العَمَلِ فِيهِ هو مِن أمْرِ اللَّهِ، وقالَ الضَّحّاكُ: شُرَّعًا مُتَتابِعَةً مُصْطَفَّةً، أيْ فَهو كِنايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ ما يَرِدُ مِنها يَوْمَ السَّبْتِ. (p-١٤٩)وأحْسَبُ أنَّ ذَلِكَ وصْفٌ مِن شَرَعَتِ الإبِلُ نَحْوَ الماءِ أيْ: دَخَلَتْ لِتَشْرَبَ، وهي إذا شَرَعَها الرُّعاةُ تَسابَقَتْ إلى الماءِ فاكْتَظَّتْ وتَراكَمَتْ ورُبَّما دَخَلَتْ فِيهِ، فَمُثِّلَتْ هَيْئَةُ الحِيتانِ، في كَثْرَتِها في الماءِ بِالنَّعَمِ الشّارِعَةِ إلى الماءِ وحَسَّنَ ذَلِكَ وُجُودُ الماءِ في الحالَتَيْنِ وهَذا أحْسَنُ تَفْسِيرًا. والمَعْنى: أنَّهم يَعْدُونَ في السَّبْتِ ولَمْ يَمْتَثِلُوا أمْرَ اللَّهِ بِتَرْكِ العَمَلِ فِيهِ، ولا اتَّعَظُوا بِآيَةِ إلْهامِ الحُوتِ أنْ يَكُونَ آمِنًا فِيهِ. وقَوْلُهُ ﴿يَوْمَ سَبْتِهِمْ﴾ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ لَفْظُ سَبْتٍ مَصْدَرَ (سَبَتَ) إذا قُطِعَ العَمَلُ بِقَرِينَةِ ظاهِرِ قَوْلِهِ ﴿ويَوْمَ لا يَسْبِتُونَ﴾ فَإنَّهُ مُضارِعُ سَبَتَ، فَيَتَطابَقُ المُثْبَتُ والمَنفِيُّ فَيَكُونُ المَعْنى: إنَّهم إذا حَفِظُوا حُرْمَةَ السَّبْتِ، فَأمْسَكُوا عَنِ الصَّيْدِ في يَوْمِ السَّبْتِ، جاءَتِ الحِيتانُ يَوْمَئِذٍ شُرَّعًا آمِنَةً، وإذا بَعَثَهُمُ الطَّمَعُ في وفْرَةِ الصَّيْدِ فَأعَدُّوا لَهُ، آلاتِهِ وعَزَمُوا عَلى الصَّيْدِ لَمْ تَأْتِهِمْ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لَفْظُ سَبْتِهِمْ بِمَعْنى الِاسْمِ العَلَمِ لِلْيَوْمِ المَعْرُوفِ بِهَذا الِاسْمِ مِن أيّامِ الأُسْبُوعِ، وإضافَتُهُ إلى ضَمِيرِهِمِ اخْتِصاصُهُ بِهِمْ بِما أنَّهم يَهُودُ، تَعْرِيضًا بِهِمْ لِاسْتِحْلالِهِمْ حُرْمَةَ السَّبْتِ فَإنَّ الِاسْمَ العَلَمَ قَدْ يُضافُ بِهَذا القَصْدِ، كَقَوْلِ أحَدِ الطّائِيِّنَ: ؎عَلا زَيْدُنا يَوْمَ النَّقا رَأْسَ زَيْدِكم بِأبْيَضَ ماضِي الشَّفْرَتَيْنِ يِمانِ وقَوْلِ رَبِيعَةَ بْنِ ثابِتٍ الأسَدِيِّ. ؎لَشَتّانَ ما بَيْنَ اليَزِيدَيْنِ في النَّدى ∗∗∗ يَزِيدِ سُلَيْمٍ والأغَرِّ ابْنِ حَـاتِـمٍ وعَلى الوَجْهَيْنِ يَجُوزُ في قَوْلِهِ ﴿ويَوْمَ لا يَسْبِتُونَ﴾ أنْ يَكُونَ المَعْنى والأيّامَ الَّتِي لا يَحْرُمُ العَمَلُ فِيها، أيْ أيّامَ الأُسْبُوعِ، لا تَأْتِي فِيها الحِيتانُ، وأنْ يَكُونَ المَعْنى وأيّامَ السُّبُوتِ الَّتِي اسْتَحَلُّوها فَلَمْ يَكُفُّوا عَنِ الصَّيْدِ فِيها يَنْقَطِعُ فِيها إتْيانُ الحِيتانِ، ولا يَخْفى أنْ لا يُثارَ هَذا الأُسْلُوبُ في التَّعْبِيرِ عَنِ السَّبْتِ خُصُوصِيَّةٌ بَلاغِيَّةٌ، تَرْمِي إلى إرادَةِ كِلا المَعْنَيَيْنِ. (p-١٥٠)فالمَقْصُودُ مِنَ الآيَةِ المَوْعِظَةُ والعِبْرَةُ ولَيْسَتْ مِنَّةً عَلَيْهِمْ، وقَرِينَتُهُ قَوْلُهُ - تَعالى - ﴿كَذَلِكَ نَبْلُوهم بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ أيْ نَمْتَحِنُ طاعَتَهم بِتَعْرِيضِهِمْ لِداعِي العِصْيانِ وهو وُجُودُ المُشْتَهى المَمْنُوعِ. وجُمْلَةُ ﴿كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِجَوابِ سُؤالِ مَن يَقُولُ: ما فائِدَةُ هَذِهِ الآيَةِ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ بِأنَّهم لا يَرْعَوُونَ عَنِ انْتِهاكِ حُرْمَةِ السَّبْتِ. والإشارَةُ إلى البَلْوى الدّالِّ عَلَيْها نَبْلُوهم أيْ مِثْلَ هَذا الِابْتِلاءِ العَظِيمِ نَبْلُوهم وقَدْ تَقَدَّمَ القَوْلُ في نَظِيرِهِ مِن قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْناكم أُمَّةً وسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وأصْلُ البَلْوى الِاخْتِبارُ والبَلْوى إذا أُسْنِدَتْ إلى اللَّهِ - تَعالى - كانَتْ مَجازًا عَقْلِيًّا أيْ لِيَبْلُوَ النّاسَ تَمَسُّكَهم بِشَرائِعِ دِينِهِمْ. والباءُ لِلسَّبَبِيَّةِ و(ما) مَصْدَرِيَّةٌ، أيْ بِفِسْقِهِمْ، أيْ تَوَغُّلُهم في العِصْيانِ أضَرَّهم عَلى الزِّيادَةِ مِنهُ، فَإذا عَرَضَ لَهم داعِيهِ خَفُّوا إلَيْهِ ولَمْ يَرْقُبُوا أمْرَ اللَّهِ - تَعالى - .


ركن الترجمة

Enquire of them about the town situated by the sea where, when they did not keep the Sabbath, the fish came up to the surface of the water for them; but on days other than the Sabbath the fish did not come. We tried them in this way, for they were disobedient.

Et interroge-les au sujet de la cité qui donnait sur la mer, lorsqu'on y transgressait le Sabbat! Que leurs poissons venaient à eux faisant surface, au jour de leur Sabbat, et ne venaient pas à eux le jour où ce n'était pas Sabbat! Ainsi les éprouvions-Nous pour la perversité qu'ils commettaient.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :