ركن التفسير
198 - (وإن تدعوهم) أي الأصنام (إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم) أي الأصنام يا محمد (ينظرون إليك) أي يقابلونك كالناظر (وهم لا يبصرون)
قوله "وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون" كقوله تعالى "إن تدعوهم لا يسمعوا دعاؤكم" الآية وقوله "وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون" إنما قال "ينظرون إليك" أي يقابلونك بعيون مصورة كأنها ناظرة وهى جماد ولهذا عاملهم معاملة من يعقل لأنها على صور مصورة كالإنسان وتراهم ينظرون إليك فعبر عنها بضمير من يعقل وقال السدي: المراد بهذا المشركون وروي عن مجاهد نحوه والأول أولى وهو اختيار ابن جرير وقاله قتادة.
(p-٢٢٥)﴿وإنْ تَدْعُوهم إلى الهُدى لا يَسْمَعُوا وتَراهم يَنْظُرُونَ إلَيْكَ وهم لا يُبْصِرُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٧] الآيَةَ أيْ قُلْ لِلْمُشْرِكِينَ: وإنْ تَدْعُوا الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إلى الهُدى لا يَسْمَعُوا. والضَّمِيرُ المَرْفُوعُ لِلْمُشْرِكِينَ، والضَّمِيرُ المَنصُوبُ عائِدٌ إلى الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ، أيِ الأصْنامُ. والهُدى عَلى هَذا الوَجْهِ ما فِيهِ رُشْدٌ ونَفْعٌ لِلْمَدْعُوِّ. وذِكْرُ ”إلى الهُدى“ لِتَحْقِيقِ عَدَمِ سَماعِ الأصْنامِ، وعَدَمِ إدْراكِها، لِأنَّ عَدَمَ سَماعِ دَعْوَةِ ما يَنْفَعُ لا يَكُونُ إلّا لِعَدَمِ الإدْراكِ. ولِهَذا خُولِفَ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنا لا يَسْمَعُوا وقَوْلِهِ في الآيَةِ السّابِقَةِ لا يَتْبَعُوكم لِأنَّ الأصْنامَ لا يَتَأتّى مِنها الِاتِّباعُ، إذْ لا يَتَأتّى مِنها المَشْيُ الحَقِيقِيُّ ولا المَجازِيُّ أيِ الِامْتِثالُ. والخِطابُ في قَوْلِهِ ”وتَراهم“ لِمَن يَصْلُحُ أنْ يُخاطَبَ فَهو مِن خِطابِ غَيْرِ المُعَيَّنِ. ومَعْنى ”يَنْظُرُونَ إلَيْكَ“ عَلى التَّشْبِيهِ البَلِيغِ، أيْ تَراهم كَأنَّهم يَنْظُرُونَ إلَيْكَ، لِأنَّ صُوَرَ كَثِيرٍ مِنَ الأصْنامِ كانَ عَلى صُوَرِ الأناسِيِّ وقَدْ نَحَتُوا لَها أمْثالَ الحِدَقِ النّاظِرَةِ إلى الواقِفِ أمامَها. قالَ في الكَشّافِ ”لِأنَّهم صَوَّرُوا أصْنامَهم بِصُورَةِ مَن قَلَّبَ حَدَقَتَهُ إلى الشَّيْءِ يَنْظُرُ إلَيْهِ“ .