موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [52] من سورة  

وَلَقَدْ جِئْنَٰهُم بِكِتَٰبٍ فَصَّلْنَٰهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ


ركن التفسير

52 - (ولقد جئناهم) أي أهل مكة (بكتاب) قرآن (فصلناه) بيناه بالأخبار والوعد والوعيد (على علم) حال أي عالمين بما فصل فيه (هدى) حال من الهاء (ورحمة لقوم يؤمنون) به

يقول تعالى مخبرا عن إعذاره إلى المشركين بإرسال الرسل إليهم بالكتاب الذي جاء به الرسول وأنه كتاب مفصل مبين كقوله "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت" الآية وقوله "فصلناه على علم" للعالمين أي "على علم" منا بما فصلناه به كقوله "أنزله بعلمه" قال ابن جرير وهذه الآية مردودة علي قوله "كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه" الآية. "ولقد جئناهم بكتاب" الآية. وهذا الذي قاله فيه نظر فإنه قد طال الفصل ولا دليل عليه وإنما الأمر أنه لما أخبر بما صاروا إليه من الخسارة في الآخرة ذكر أنه قد أزاح عللهم في الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب كقوله "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا".

﴿ولَقَدْ جِئْناهم بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدًى ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ الواوُ في ﴿ولَقَدْ جِئْناهُمْ﴾ عاطِفَةٌ هَذِهِ الجُمْلَةَ عَلى جُمْلَةِ ﴿ونادى أصْحابُ النّارِ أصْحابَ الجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٥٠]، عَطْفَ القِصَّةِ عَلى القِصَّةِ، والغَرَضِ عَلى الغَرَضِ، فَهو كَلامٌ أنِفٌ انْتُقِلَ بِهِ مِن غَرَضِ الخَبَرِ عَنْ حالِ المُشْرِكِينَ في الآخِرَةِ إلى غَرَضِ وصْفِ أحْوالِهِمْ في الدُّنْيا، المُسْتَوْجِبِينَ بِها لِما سَيُلاقُونَهُ في الآخِرَةِ، ولَيْسَ هو مِنَ الكَلامِ الَّذِي عَقَّبَ اللَّهُ بِهِ كَلامَ أصْحابِ الجَنَّةِ في قَوْلِهِ ﴿فاليَوْمَ نَنْساهم كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هَذا﴾ [الأعراف: ٥١] لِأنَّ قَوْلَهُ هُنا ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلّا تَأْوِيلَهُ﴾ [الأعراف: ٥٣] إلَخْ، يَقْتَضِي أنَّهُ حَدِيثٌ عَنْ إعْراضِهِمْ عَنِ القُرْآنِ في الدُّنْيا، فَضَمِيرُ الغائِبِينَ في قَوْلِهِ: جِئْناهم عائِدٌ إلى ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا﴾ [الأعراف: ١٧٧] في قَوْلِهِ ﴿إنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا واسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهم أبْوابُ السَّماءِ﴾ [الأعراف: ٤٠] الآيَةَ. والمُرادُ بِالكِتابِ القُرْآنُ. (p-١٥٢)والباءُ في قَوْلِهِ بِكِتابٍ لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ جِئْناهم، مِثْلُ الباءِ في قَوْلِهِ ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ [البقرة: ١٧] فَمَعْناهُ: أجَأْناهم كِتابًا، أيْ جَعَلْناهُ جاءِيًا إيّاهم، فَيَئُولُ إلى مَعْنى أبْلَغْناهم إيّاهُ وأرْسَلْناهُ إلَيْهِمْ. وتَأْكِيدُ هَذا الفِعْلِ بِلامِ القَسَمِ وقَدْ إمّا بِاعْتِبارِ صِفَةِ كِتابٍ، وهي جُمْلَةُ ﴿فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدًى ورَحْمَةً﴾ فَيَكُونُ التَّأْكِيدُ جارِيًا عَلى مُقْتَضى الظّاهِرِ، لِأنَّ المُشْرِكِينَ يُنْكِرُونَ أنْ يَكُونَ القُرْآنُ مَوْصُوفًا بِتِلْكَ الأوْصافِ، وإمّا تَأْكِيدٌ لِفِعْلِ جِئْناهم بِكِتابٍ، وهو بُلُوغُ الكِتابِ إلَيْهِمْ فَيَكُونُ التَّأْكِيدُ خارِجًا عَلى خِلافِ مُقْتَضى الظّاهِرِ، بِتَنْزِيلِ المُبَلَّغِ إلَيْهِمْ مَنزِلَةَ مَن يُنْكِرُ بُلُوغَ الكِتابِ إلَيْهِمْ، لِأنَّهم في إعْراضِهِمْ عَنِ النَّظَرِ والتَّدَبُّرِ في شَأْنِهِ بِمَنزِلَةِ مَن لَمْ يَبْلُغْهُ الكِتابُ، وقَدْ يُناسِبُ هَذا الِاعْتِبارُ ظاهِرَ قَوْلِهِ بَعْدُ: ﴿يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالحَقِّ﴾ [الأعراف: ٥٣] . وتَنْكِيرُ كِتابٍ، وهو مَعْرُوفٌ، قُصِدَ بِهِ تَعْظِيمُ الكِتابِ، أوْ قُصِدَ بِهِ النَّوْعِيَّةُ، أيْ ما هو إلّا كِتابٌ كالكُتُبِ الَّتِي أُنْزِلَتْ مِن قَبْلُ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿كِتابٌ أُنْزِلَ إلَيْكَ﴾ [الأعراف: ٢] في طالِعِ هَذِهِ السُّورَةِ. وفَصَّلْناهُ أيْ بَيَّناهُ أيْ بَيَّنّا ما فِيهِ، والتَّفْصِيلُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ﴾ [الأنعام: ٥٥] في سُورَةِ الأنْعامِ. و﴿عَلى عِلْمٍ﴾ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ في مَوْضِعِ الحالِ مِن فاعِلِ فَصَّلْناهُ، أيْ حالَ كَوْنِنا عَلى عِلْمٍ، وعَلى لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ، تَدُلُّ عَلى التَّمَكُّنِ مِن مَجْرُورِها، كَما في قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٥] وقَوْلِهِ ﴿قُلْ إنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّي﴾ [الأنعام: ٥٧] في سُورَةِ الأنْعامِ. ومَعْنى هَذا التَّمَكُّنِ أنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعالى ذاتِيٌّ لا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ المَعْلُوماتِ. وتَنْكِيرُ عِلْمٍ لِلتَّعْظِيمِ، أيْ عالِمِينَ أعْظَمَ العِلْمِ، والعَظَمَةُ هُنا راجِعَةٌ إلى كَمالِ الجِنْسِ في حَقِيقَتِهِ، وأعْظَمُ العِلْمِ هو العِلْمُ الَّذِي لا يَحْتَمِلُ الخَطَأ (p-١٥٣)ولا الخَفاءَ أيْ عالِمِينَ عِلْمًا ذاتِيًّا لا يَتَخَلَّفُ عَنّا ولا يَخْتَلِفُ في ذاتِهِ، أيْ لا يَحْتَمِلُ الخَطَأ ولا التَّرَدُّدَ. ﴿وهُدًى ورَحْمَةٌ﴾ [الأعراف: ٢٠٣] حالٌ مِن كِتابٍ، أوْ مِن ضَمِيرِهِ في قَوْلِهِ: فَصَّلْناهُ. ووَصْفُ الكِتابِ بِالمَصْدَرَيْنَ ﴿هُدًى ورَحْمَةً﴾ إشارَةٌ إلى قُوَّةِ هَدْيِهِ النّاسَ وجَلْبِ الرَّحْمَةِ لَهم. وجُمْلَةُ ﴿هُدًى ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ إشارَةٌ إلى أنَّ المُؤْمِنِينَ هُمُ الَّذِينَ تَوَصَّلُوا لِلِاهْتِداءِ بِهِ والرَّحْمَةِ، وأنَّ مَن لَمْ يُؤْمِنُوا قَدْ حُرِمُوا الِاهْتِداءَ والرَّحْمَةَ، وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ البَقَرَةِ ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] .


ركن الترجمة

Indeed We had brought to them a Book distinct, replete with knowledge, and guidance and grace for men who believe.

Nous leur avons, certes, apporté un Livre que Nous avons détaillé, en toute connaissance, à titre de guide et de miséricorde pour les gens qui croient.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :