موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأحد 10 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل19 ماي 2024


الآية [58] من سورة  

وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذْنِ رَبِّهِۦ وَٱلَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ


ركن التفسير

58 - (والبلد الطيب) العذب التراب (يخرج نباته) حسناً (بإذن ربه) هذا مثل للمؤمن يسمع الموعظة فينتفع بها (والذي خبث) ترابه (لا يخرج) نباته (إلا نكداً) عسراً بمشقةٍ وهذا مثلُ للكافر (كذلك) كما بينا ما ذكر (نصرف) نبين (الآيات لقوم يشكرون) الله فيؤمنون

قوله "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه" أي والأرض الطيبة يخرج نباتها سريعا حسنا كقوله "وأنبتها نباتا حسنا" "والذي خبث لا يخرج إلا نكدا" قال مجاهد وغيره كالسباخ ونحوها وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية: هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر وقال البخاري حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حماد بن أسامة عن ابن يزيد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل ما بعثني الله به من العلم والهدى كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به". رواه مسلم والنسائي من طرق عن أبي أسامة حماد بن أسامة به.

﴿والبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إلّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتى وبَيْنَ جُمْلَةِ ﴿لَقَدْ أرْسَلْنا نُوحًا﴾ [الأعراف: ٥٩] تَتَضَمَّنُ تَفْصِيلًا لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ فَأخْرَجْنا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَراتِ إذْ قَدْ بَيَّنَ فِيها اخْتِلافَ حالِ البَلَدِ الَّذِي يُصِيبُهُ ماءُ السَّحابِ، دَعا إلى هَذا التَّفْصِيلِ أنَّهُ لَمّا مُثِّلَ إخْراجُ ثَمَراتِ الأرْضِ بِإخْراجِ المَوْتى مِنها يَوْمَ البَعْثِ تَذْكِيرًا بِذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وإبْطالًا لِإحالَةِ البَعْثِ عِنْدَ المُشْرِكِينَ، مُثِّلَ هُنا بِاخْتِلافِ حالِ إخْراجِ النَّباتِ مِنَ الأرْضِ اخْتِلافُ حالِ النّاسِ الأحْياءِ في الِانْتِفاعِ بِرَحْمَةِ هُدى اللَّهِ، فَمَوْقِعُ قَوْلِهِ والبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ كَمَوْقِعِ قَوْلِهِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتى ولِذَلِكَ ذُيِّلَ هَذا بِقَوْلِهِ ﴿كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾ كَما ذُيِّلَ ما قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتى لَعَلَّكم تَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٥٧] . والمَعْنى: كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتى وكَذَلِكَ يَنْتَفِعُ بِرَحْمَةِ الهَدْيِ مَن خُلِقَتْ فِطْرَتُهُ طَيِّبَةً قابِلَةً لِلْهُدى كالبَلَدِ الطَّيِّبِ يَنْتَفِعُ بِالمَطَرِ، ويَحْرُمُ مِنَ الِانْتِفاعِ بِالهُدى مَن خُلِقَتْ فِطْرَتُهُ خَبِيثَةً كالأرْضِ الخَبِيثَةِ لا تَنْتَفِعُ بِالمَطَرِ فَلا تُنْبِتُ نَباتًا نافِعًا، فالمَقْصُودُ مِن هَذِهِ الآيَةِ التَّمْثِيلُ، ولَيْسَ المَقْصُودُ مُجَرَّدَ تَفْصِيلِ أحْوالِ الأرْضِ بَعْدَ نُزُولِ المَطَرِ، لِأنَّ الغَرَضَ المَسُوقَ لَهُ الكَلامُ (p-١٨٥)يَجْمَعُ أمْرَيْنِ: العِبْرَةَ بِصُنْعِ اللَّهِ، والمَوْعِظَةَ بِما يُماثِلُ أحْوالَهُ. فالمَعْنى: كَما أنَّ البَلَدَ الطَّيِّبَ يَخْرُجُ نَباتُهُ سَرِيعًا بَهِجًا عِنْدَ نُزُولِ المَطَرِ، والبَلَدَ الخَبِيثَ لا يَكادُ يُنْبِتُ فَإنْ أنْبَتَ أخْرَجَ نَبْتًا خَبِيثًا لا خَيْرَ فِيهِ. والطَّيِّبُ وصْفٌ عَلى وزْنِ فَيْعِلٍ وهي صِيغَةٌ تَدُلُّ عَلى قُوَّةِ الوَصْفِ في المَوْصُوفِ مِثْلُ: قَيِّمٍ، وهو المُتَّصِفُ بِالطَّيِّبِ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطَّيِّبِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ في سُورَةِ المائِدَةِ، وعِنْدَ قَوْلِهِ يا أيُّها النّاسُ كُلُوا مِمّا في الأرْضِ حَلالًا طَيِّبًا في سُورَةِ البَقَرَةِ. والبَلَدُ الطَّيِّبُ الأرْضُ المَوْصُوفَةُ بِالطَّيِّبِ، وطِيبُها زَكاءُ تُرْبَتِها ومُلاءَمَتُها لِإخْراجِ النَّباتِ الصّالِحِ ولِلزَّرْعِ والغَرْسِ وهي الأرْضُ النَّقِيَّةُ. والَّذِي خَبُثَ ضِدَّ الطِّيبِ. وقَوْلُهُ ﴿بِإذْنِ رَبِّهِ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ مِن نَباتِهِ. والإذْنُ: الأمْرُ، والمُرادُ بِهِ أمْرُ العِنايَةِ بِهِ كَقَوْلِهِ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ لِيَدُلَّ عَلى تَشْرِيفِ ذَلِكَ النَّباتِ، فَهو في مَعْنى الوَصْفِ بِالزَّكاءِ، والمَعْنى: البَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ طَيِّبًا زَكِيًّا مِثْلَهُ، وقَدْ أشارَ إلى طِيبِ نَباتِهِ بِأنَّ خُرُوجَهُ بِإذْنِ رَبِّهِ، فَأُرِيدُ بِهَذا الإذْنِ إذْنٌ خاصٌّ هو إذْنُ عِنايَةٍ وتَكْرِيمٍ، ولَيْسَ المُرادُ إذْنَ التَّقْدِيرِ والتَّكْوِينِ فَإنَّ ذَلِكَ إذْنٌ مَعْرُوفٌ لا يَتَعَلَّقُ الغَرَضُ بِبَيانِهِ في مِثْلِ هَذا المَقامِ. ﴿والَّذِي خَبُثَ﴾ حَمَلَهُ جَمِيعُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّهُ وصْفٌ لِلْبَلَدِ، أيِ البَلَدُ الَّذِي خَبُثَ وهو مُقابِلُ البَلَدِ الطَّيِّبِ، وفَسَّرُوهُ بِالأرْضِ الَّتِي لا تُنْبِتُ إلّا نَباتًا لا يَنْفَعُ، ولا يُسْرِعُ إنْباتُها، مِثْلَ السِّباخِ، وحَمَلُوا ضَمِيرَ يَخْرُجُ عَلى أنَّهُ عائِدٌ لِلنَّباتِ، وجَعَلُوا تَقْدِيرَ الكَلامِ: والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ نَباتُهُ إلّا نَكِدًا، فَحُذِفَ المُضافُ في التَّقْدِيرِ، وهو نَباتُ، وأُقِيمَ المُضافُ إلَيْهِ مَقامَهُ، وهو ضَمِيرُ البَلَدِ الَّذِي خَبُثَ، المُسْتَتِرُ في فِعْلِ يَخْرُجُ. (p-١٨٦)والَّذِي يَظْهَرُ لِي: أنْ يَكُونَ ”الَّذِي“ صادِقًا عَلى نَباتِ الأرْضِ، والمَعْنى: والنَّبْتُ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إلّا نَكِدًا، ويَكُونُ في الكَلامِ احْتِباكٌ إذْ لَمْ يُذْكَرْ وصْفُ الطَّيِّبِ بَعْدَ نَباتِ البَلَدِ الطَّيِّبِ، ولَمْ تُذْكَرِ الأرْضُ الخَبِيثَةُ قَبْلَ ذِكْرِ النَّباتِ الخَبِيثِ، لِدَلالَةِ كِلا الضِّدَّيْنِ عَلى الآخَرِ. والتَّقْدِيرُ: والبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ طَيِّبًا بِإذْنِ رَبِّهِ، والنَّباتُ الَّذِي خَبُثَ يَخْرُجُ نَكِدًا مِنَ البَلَدِ الخَبِيثِ، وهَذا صُنْعٌ دَقِيقٌ لا يُهْمَلُ في الكَلامِ البَلِيغِ. وقَرَأ الجَمِيعُ لا يَخْرُجُ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وضَمِّ الرّاءِ إلّا ابْنَ ورْدانَ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ قَرَأ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وكَسْرِ الرّاءِ عَلى خِلافِ المَشْهُورِ عَنْهُ، وقِيلَ إنَّ نِسْبَةَ هَذا لِابْنِ ورْدانَ تَوَهَّمٌ. والنَّكِدُ وصْفٌ مِنَ النَّكَدِ بِفَتْحِ الكافِ وهو مَصْدَرُ نَكِدَ الشَّيْءُ إذا كانَ غَيْرَ صالِحٍ يَجُرُّ عَلى مُسْتَعْمِلِهِ شَرًّا. وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ إلّا نَكَدًا، بِفَتْحِ الكافِ. وفِي تَفْصِيلِ مَعْنى الآيَةِ جاءَ الحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدى والعِلْمِ كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أصابَ أرْضًا فَكانَ مِنها نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الماءَ فَأنْبَتَتِ الكَلَأ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانَتْ مِنها أجادِبُ أمْسَكَتِ الماءَ فَنَفَعَ بِها اللَّهُ النّاسَ فَشَرِبُوا وسَقَوْا وزَرَعُوا، وأصابَ طائِفَةً أُخْرى إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَن فَقِهَ في دِينِ اللَّهِ ونَفَعَهُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ مَن لَمْ يَرْفَعْ لِذَلِكَ رَأْسًا ولَمْ يَقْبَلْ هُدى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» . والإشارَةُ بِقَوْلِهِ ﴿كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ﴾ إلى تَفَنُّنِ الِاسْتِدْلالِ بِالدَّلائِلِ الدّالَّةِ عَلى عَظِيمِ القُدْرَةِ المُقْتَضِيَةِ الوَحْدانِيَّةَ، والدّالَّةِ أيْضًا عَلى وُقُوعِ البَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، والدّالَّةِ عَلى اخْتِلافِ قابِلِيَّةِ النّاسِ لِلْهُدى والِانْتِفاعِ بِهِ بِالِاسْتِدْلالِ الواضِحِ البَيِّنِ المُقَرَّبِ في جَمِيعِ ذَلِكَ، فَذَلِكَ تَصْرِيفٌ أيْ تَنْوِيعٌ وتَفْنِينٌ لِلْآياتِ (p-١٨٧)أيِ: الدَّلائِلِ. والمُرادُ بِالقَوْمِ الَّذِينَ يَشْكُرُونَ: المُؤْمِنُونَ: تَنْبِيهًا عَلى أنَّهم مَوْرِدُ التَّمْثِيلِ بِالبَلَدِ الطَّيِّبِ، وأنَّ غَيْرَهم مَوْرِدُ التَّمْثِيلِ بِالبَلَدِ الخَبِيثِ، وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى وتِلْكَ الأمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وما يَعْقِلُها إلّا العالِمُونَ.


ركن الترجمة

The soil that is good produces (rich) crops by the will of its Lord, and that which is had yields only what is poor. So do We explain Our signs in different ways to people who give thanks.

Le bon pays, sa végétation pousse avec la grâce de son Seigneur; quant au mauvais pays, (sa végétation) ne sort qu'insuffisamment et difficilement. Ainsi déployons-Nous les enseignements pour des gens reconnaissants.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :