موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [81] من سورة  

إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ


ركن التفسير

81 - (إنكم) وفي قراءة {أئنكم} بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال الألف بينهما على الوجهين (لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون) متجاوزون الحلال إلى الحرام

"إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء" أي عدلتم عن النساء وما خلق لكم ربكم منهن إلى الرجال وهذا إسراف منكم وجهل لأنه وضع الشيء في غير محله ولهذا قال لهم في الآية الأخرى قال "هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين" فأرشدهم إلى نسائهم فاعتذروا إليه بأنهم لا يشتهونهن "قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد" أي لقد علمت أنه لا أرب لنا في النساء ولا إرادة وإنك لتعلم مرادنا من أضيافك وذكر المفسرون أن الرجال كانوا قد استغنى بعضهم ببعض وكذلك نساؤهم كن قد استغنين بعضهن ببعض أيضا.

﴿ولُوطًا إذْ قالَ لِقَوْمِهِ أتَأْتُونَ الفاحِشَةَ ما سَبَقَكم بِها مِن أحَدٍ مِنَ العالَمِينَ﴾ ﴿إنَّكم لَتَأْتُونَ الرِّجالُ شَهْوَةً مِن دُونِ النِّساءِ بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ عُطِفَ ولُوطًا عَلى نُوحًا في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ أرْسَلْنا نُوحًا﴾ [الأعراف: ٥٩] فالتَّقْدِيرُ: وأرْسَلْنا لُوطًا، وتَغْيِيرُ الأُسْلُوبِ في ابْتِداءِ قِصَّةِ لُوطٍ وقَوْمِهِ إذِ ابْتُدِئَتْ بِذِكْرِ لُوطًا كَما ابْتُدِئَتْ قِصَّةٌ بِذِكْرِ نُوحٍ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِقَوْمِ لُوطٍ اسْمٌ يُعْرَفُونَ بِهِ كَما لَمْ يَكُنْ لِقَوْمِ نُوحٍ اسْمٌ يُعْرَفُونَ بِهِ. و(إذْ) ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ ”أرْسَلْنا“ المُقَدَّرُ يَعْنِي أرْسَلْناهُ وقْتَ قالَ لِقَوْمِهِ، وجُعِلَ وقْتُ القَوْلِ ظَرْفًا لِلْإرْسالِ لِإفادَةِ مُبادَرَتِهِ بِدَعْوَةِ قَوْمِهِ إلى ما أرْسَلَهُ اللَّهُ بِهِ، والمُقارَنَةُ الَّتِي تَقْتَضِيها الظَّرْفِيَّةُ بَيْنَ وقْتِ الإرْسالِ ووَقْتِ قَوْلِهِ، مُقارَنَةٌ عُرْفِيَّةٌ بِمَعْنى شِدَّةِ القُرْبِ بِأقْصى ما يُسْتَطاعُ مِن مُبادَرَةِ التَّبْلِيغِ. وقَوْمُ لُوطٍ كانُوا خَلِيطًا مِنَ الكَنْعانِيِّينَ ومِمَّنْ نَزَلَ حَوْلَهم. ولِذَلِكَ لَمْ يُوصَفْ بِأنَّهُ أخُوهم إذْ لَمْ يَكُنْ مِن قَبائِلِهِمْ، وإنَّما نَزَلَ فِيهِمْ واسْتَوْطَنَ دِيارَهم. ولُوطٌ - عَلَيْهِ السَّلامُ - هو ابْنُ أخِي إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كَما تَقَدَّمَ في سُورَةِ الأنْعامِ، وكانَ لُوطٌ - عَلَيْهِ السَّلامُ - قَدْ نَزَلَ بِبِلادِ سَدُومَ ولَمْ يَكُنْ بَيْنَهم وبَيْنَهُ قُرابَةٌ. (p-٢٣٠)والقَوْمُ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ لُوطٌ - عَلَيْهِ السَّلامُ - هم أهْلُ قَرْيَةِ سَدُومَ وعَمُورَةَ مِن أرْضِ كَنْعانَ، ورُبَّما أُطْلِقَ اسْمُ سَدُومَ وعَمُورَةَ عَلى سُكّانِها. وهم أسْلافُ الفَنِيقِيِّينَ وكانَتا عَلى شاطِئِ السَّدِيمِ، وهو بَحْرُ المِلْحِ، كَما جاءَ في التَّوْراةِ وهو البَحْرُ المَيِّتُ المَدْعُوُّ بُحَيْرَةُ لُوطٍ بِقُرْبِ أُرْشَلِيمَ. وكانَتْ قُرْبَ سَدُومَ ومَن مَعَهم أحْدَثُوا فاحِشَةَ اسْتِمْتاعُ الرِّجالِ بِالرِّجالِ، فَأمَرَ اللَّهُ لُوطًا - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمّا نَزَلَ بِقَرْيَتِهِمْ سَدُومَ في رِحْلَتِهِ مَعَ عَمِّهِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أنْ يَنْهاهم ويُغْلِظَ عَلَيْهِمْ. فالِاسْتِفْهامُ في (أتَأْتُونَ) إنْكارِيٌّ تَوْبِيخِيٌّ، والإتْيانُ المُسْتَفْهَمِ عَنْهُ مَجازٌ في التَّلَبُّسِ والعَمَلِ، أيْ أتَعْمَلُونَ الفاحِشَةَ، وكُنِّيَ بِالإتْيانِ عَلى العَمَلِ المَخْصُوصِ وهي كِنايَةٌ مَشْهُورَةٌ. والفاحِشَةُ: الفِعْلُ الدَّنِيءُ الذَّمِيمُ، وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلَيْها عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإذا فَعَلُوا فاحِشَةً﴾ [الأعراف: ٢٨]: والمُرادُ هُنا فاحِشَةٌ مَعْرُوفَةٌ، فالتَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ. وجُمْلَةُ: ﴿ما سَبَقَكم بِها مِن أحَدٍ مِنَ العالَمِينَ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا ابْتِدائِيًّا، فَإنَّهُ بَعْدَ أنْ أنْكَرَ عَلَيْهِمْ إتْيانَ الفاحِشَةِ، وعَبَّرَ عَنْها بِالفاحِشَةِ، وبَّخَهم بِأنَّهم أحْدَثُوها، ولَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً في البَشَرِ فَقَدْ سَنُّوا سُنَّةً سَيِّئَةً لِلْفاحِشِينَ في ذَلِكَ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ جُمْلَةُ: ما سَبَقَكم بِها مِن أحَدٍ صِفَةً لِلْفاحِشَةِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ حالًا مِن ضَمِيرِ: تَأْتُونَ أوْ مِنَ: الفاحِشَةِ والسَّبْقُ حَقِيقَتُهُ: وُصُولُ الماشِي إلى مَكانٍ مَطْلُوبٍ لَهُ ولِغَيْرِهِ قَبْلَ وُصُولِ غَيْرِهِ، ويُسْتَعْمَلُ مَجازًا في التَّقَدُّمِ في الزَّمانِ، أيِ الأوَّلِيَّةِ والِابْتِداءِ، وهو المُرادُ هُنا، والمَقْصُودُ أنَّهم سَبَقُوا النّاسَ بِهَذِهِ الفاحِشَةِ إذْ لا يَقْصِدُ بِمِثْلِ هَذا التَّرْكِيبِ أنَّهُمُ ابْتَدَأُوا مَعَ غَيْرِهِمْ في وقْتٍ واحِدٍ. (p-٢٣١)والباءُ لِتَعْدِيَةِ فِعْلٍ (سَبَقَ) لِاسْتِعْمالِهِ بِمَعْنى ابْتَدَأ فالباءُ تَرْشِيحٌ لِلتَّبَعِيَّةِ. و(مِنَ) الدّاخِلَةُ عَلى (أحَدٍ) لِتَوْكِيدِ النَّفْيِ لِلدَّلالَةِ عَلى مَعْنى الِاسْتِغْراقِ في النَّفْيِ. و(مِنَ) الدّاخِلَةُ عَلى العالَمِينَ لِلتَّبْعِيضِ. وجُمْلَةُ: ﴿إنَّكم لَتَأْتُونَ الرِّجالَ﴾ مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ (﴿أتَأْتُونَ الفاحِشَةَ﴾)، والتَّأْكِيدُ بِإنَّ واللّامِ كِنايَةٌ عَنِ التَّوْبِيخِ لِأنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلى تَنْزِيلِهِمْ مَنزِلَةَ مَن يُنْكِرُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ مُسْتَرْسِلُونَ عَلَيْهِ غَيْرَ سامِعِينَ لِنَهْيِ النّاهِي. والإتْيانُ كِنايَةٌ عَنْ عَمَلِ الفاحِشَةِ. وقَرَأ نافِعٌ، والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ، وأبُو جَعْفَرٍ: (إنَّكم) بِهَمْزَةٍ واحِدَةٍ مَكْسُورَةٍ بِصِيغَةِ الخَبَرِ، فالبَيانُ راجِعٌ إلى الشَّيْءِ المُنْكَرِ بِهَمْزَةِ الإنْكارِ في (﴿أتَأْتُونَ الفاحِشَةَ﴾)، وبِهِ يُعْرَفُ بَيانُ الإنْكارِ، ويَجُوزُ اعْتِبارُهُ خَبَرًا مُسْتَعْمَلًا في التَّوْبِيخِ، ويَجُوزُ تَقْدِيرُ هَمْزَةِ اسْتِفْهامٍ حُذِفَتْ لِلتَّخْفِيفِ ولِدَلالَةِ ما قَبْلَها. وقَرَأهُ البَقِيَّةُ: (أإنَّكم) بِهَمْزَتَيْنِ عَلى صِيغَةِ الِاسْتِفْهامِ فالبَيانُ لِلْإنْكارِ، وبِهِ يُعْرَفُ بَيانُ المُنْكَرِ، فالقِراءَتانِ مُسْتَوِيَتانِ. والشَّهْوَةُ: الرَّغْبَةُ في تَحْصِيلِ شَيْءٍ مَرْغُوبٍ، وهي مَصْدَرُ شَهِيَ كَرَضِيَ، جاءَ عَلى صِيغَةِ الفَعْلَةِ ولَيْسَ مُرادًا بِهِ المَرَّةُ. وانْتَصَبَ (شَهْوَةً) عَلى المَفْعُولِ لِأجْلِهِ. والمَقْصُودُ مِن هَذا المَفْعُولِ تَفْظِيعُ الفاحِشَةِ وفاعِلِيها بِأنَّهم يَشْتَهُونَ ما هو حَقِيقٌ بِأنْ يُكْرَهَ ويُسْتَفْظَعَ. وقَوْلُهُ: ﴿مِن دُونِ النِّساءِ﴾ زِيادَةٌ في التَّفْظِيعِ وقَطْعٌ لِلْعُذْرِ في فِعْلِ هَذِهِ الفاحِشَةِ، ولَيْسَ قَيْدًا لِلْإنْكارِ، فَلَيْسَ إتْيانُ الرِّجالِ مَعَ إتْيانِ النِّساءِ بِأقَلَّ مِنَ الآخَرِ فَظاعَةً، ولَكِنَّ المُرادَ أنَّ إتْيانَ الرِّجالِ كُلَّهُ واقِعٌ في حالَةٍ مِن حَقِّها إتْيانُ النِّساءِ، كَما قالَ في الآيَةِ الأُخْرى: ﴿وتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكم رَبُّكم مِن أزْواجِكُمْ﴾ [الشعراء: ١٦٦] . و(بَلْ) لِلْإضْرابِ الِانْتِقالِيِّ، لِلِانْتِقالِ مِن غَرَضِ الإنْكارِ إلى غَرَضِ الذَّمِّ والتَّحْقِيرِ والتَّنْبِيهِ إلى حَقِيقَةِ حالِهِمْ. (p-٢٣٢)والإسْرافُ مُجاوَزَةُ العَمَلِ مِقْدارَ أمْثالِهِ في نَوْعِهِ، أيِ المُسْرِفُونَ في الباطِلِ والجُرْمِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَأْكُلُوها إسْرافًا﴾ [النساء: ٦] في سُورَةِ النِّساءِ وعِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: ١٤١] في سُورَةِ الأنْعامِ. ووَصَفَهم بِالإسْرافِ بِطَرِيقِ الجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الدّالَّةِ عَلى الثَّباتِ، أيْ أنْتُمْ قَوْمٌ تَمَكَّنَ مِنهُمُ الإسْرافُ في الشَّهَواتِ فَلِذَلِكَ اشْتَهَوْا شَهْوَةً غَرِيبَةً لَمّا سَئِمُوا الشَّهَواتِ المُعْتادَةَ. وهَذِهِ شَنْشَنَةُ الِاسْتِرْسالِ في الشَّهَواتِ حَتّى يُصْبِحَ المَرْءُ لا يَشْفِي شَهْوَتَهُ شَيْءٌ، ونَحْوُهُ قَوْلُهُ عَنْهم في آيَةٍ أُخْرى: ﴿بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ﴾ [الشعراء: ١٦٦] . ووَجْهُ تَسْمِيَةِ هَذا الفِعْلِ الشَّنِيعِ فاحِشَةً وإسْرافًا أنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلى مَفاسِدَ كَثِيرَةٍ: مِنها اسْتِعْمالُ الشَّهْوَةِ الحَيَوانِيَّةِ المَغْرُوزَةِ في غَيْرِ ما غُرِزَتْ عَلَيْهِ، لِأنَّ اللَّهَ خَلَقَ في الإنْسانِ الشَّهْوَةَ الحَيَوانِيَّةَ لِإرادَةِ بَقاءِ النَّوْعِ بِقانُونِ التَّناسُلِ، حَتّى يَكُونَ الدّاعِي إلَيْهِ قَهْرِيًّا يَنْساقُ إلَيْهِ الإنْسانُ بِطَبْعِهِ، فَقَضاءُ تِلْكَ الشَّهْوَةِ في غَيْرِ الغَرَضِ الَّذِي وضَعَها اللَّهُ لِأجْلِهِ اعْتِداءٌ عَلى الفِطْرَةِ وعَلى النَّوْعِ، ولِأنَّهُ يُغَيِّرُ خُصُوصِيَّةَ الرُّجْلَةِ بِالنِّسْبَةِ إلى المَفْعُولِ بِهِ إذْ يَصِيرُ في غَيْرِ المَنزِلَةِ الَّتِي وضَعَهُ اللَّهُ فِيها بِخِلْقَتِهِ، ولِأنَّ فِيهِ امْتِهانًا مَحْضًا لِلْمَفْعُولِ بِهِ إذْ يُجْعَلُ آلَةً لِقَضاءِ شَهْوَةِ غَيْرِهِ عَلى خِلافِ ما وضَعَ اللَّهُ في نِظامِ الذُّكُورَةِ والأُنُوثَةِ مِن قَضاءِ الشَّهْوَتَيْنِ مَعًا، ولِأنَّهُ مُفْضٍ إلى قَطْعِ النَّسْلِ أوْ تَقْلِيلِهِ، ولِأنَّ ذَلِكَ الفِعْلَ يَجْلِبُ أضْرارًا لِلْفاعِلِ والمَفْعُولِ بِسَبَبِ اسْتِعْمالِ مَحَلَّيْنِ في غَيْرِ ما خُلِقا لَهُ. وحَدَثَتْ هَذِهِ الفاحِشَةُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ في خِلافَةِ أبِي بَكْرٍ مِن رَجُلٍ يُسَمّى الفُجاءَةَ، كَتَبَ فِيهِ خالِدُ بْنُ الوَلِيدِ إلى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أنَّهُ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وإذْ لَمْ يُحْفَظْ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ فِيها حَدٌّ مَعْرُوفٌ جَمَعَ أبُو بَكْرٍ أصْحابَ النَّبِيءِ ﷺ واسْتَشارَهم فِيهِ، فَقالَ عَلِيٌّ: أرى أنْ يُحْرَقَ بِالنّارِ، فاجْتَمَعَ رَأْيُ الصَّحابَةِ عَلى ذَلِكَ فَكَتَبَ أبُو بَكْرٍ إلى خالِدِ بْنِ الوَلِيدِ أنْ يَحْرِقَهُ فَأحْرَقَهُ، وكَذَلِكَ قَضى ابْنُ الزُّبَيْرِ (p-٢٣٣)فِي جَماعَةٍ عَمِلُوا الفاحِشَةَ في زَمانِهِ، وهُشامُ بْنُ الوَلِيدِ، وخالِدٌ القَسْرِيُّ بِالعِراقِ، ولَعَلَّهُ قِياسٌ عَلى أنَّ اللَّهَ أمْطَرَ عَلَيْهِمْ نارًا كَما سَيَأْتِي. وقالَ مالِكٌ: يُرْجَمُ الفاعِلُ والمَفْعُولُ بِهِ، إذْ أطاعَ الفاعِلُ وكانا بالِغَيْنِ، رَجْمَ الزّانِي المُحَصَّنِ، سَواءٌ أحْصَنا أمْ لَمْ يُحْصِنا. وقاسَ عُقُوبَتَهم عَلى عُقُوبَةِ اللَّهِ لِقَوْمِ لُوطٍ إذْ أمْطَرَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً، والَّذِي يُؤْخَذُ مِن مَذْهَبِ مالِكٍ أنَّهُ يَجُوزُ القِياسُ عَلى ما فَعَلَهُ اللَّهُ تَعالى في الدُّنْيا، ورُوِيَ أنَّهُ أُخِذَ في زَمانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أرْبَعَةٌ عَمِلُوا عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وقَدْ أُحْصِنُوا، فَأمَرَ بِهِمْ فَأُخْرِجُوا مِنَ الحَرَمِ فَرُجِمُوا بِالحِجارَةِ حَتّى ماتُوا، وعِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وابْنُ عَبّاسٍ فَلَمْ يُنْكِرا عَلَيْهِ. وقالَ أبُو حَنِيفَةَ: يُعَزَّرُ فاعِلُهُ ولا يَبْلُغُ التَّعْزِيرُ حَدَّ الزِّنى، كَذا عَزا إلَيْهِ القُرْطُبِيُّ، والَّذِي في كُتُبِ الحَنَفِيَّةِ أنَّ أبا حَنِيفَةَ يَرى فِيهِ التَّعْزِيرَ إلّا إذا تَكَرَّرَ مِنهُ فَيُقْتَلُ، وقالَ أبُو يُوسُفَ ومُحَمَّدٌ: فِيهِ حَدُّ الزِّنى، فَإذا اعْتادَ ذَلِكَ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ بِالإحْراقِ، أوْ يُهْدَمُ عَلَيْهِ جِدارٌ، أوْ يُنَكَّسُ مِن مَكانٍ مُرْتَفِعٍ ويُتْبَعُ بِالأحْجارِ، أوْ يُسْجَنُ حَتّى يَمُوتَ أوْ يَتُوبَ، وذَكَرَ الغَزْنَوِيُّ في الحاوِي أنَّ الأصَحَّ عَنْ أبِي يُوسُفَ ومُحَمَّدٍ التَّعْزِيرُ بِالجِلْدِ - أيْ دُونَ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الِاعْتِيادِ وغَيْرِهِ - وسِياقُ كَلامِهِمُ التَّسْوِيَةُ في العُقُوبَةِ بَيْنَ الفاعِلِ والمَفْعُولِ بِهِ. وقالَ الشّافِعِيُّ يُحَدُّ حَدَّ الزّانِي، فَإنْ كانَ مُحْصَنًا فَحَدُّ المُحْصَنِ، وإنْ كانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ فَحَدُّ غَيْرِ المُحْصَنِ. كَذا حَكاهُ القُرْطُبِيُّ. وقالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ الحَنْبَلِيُّ، في كِتابِ اخْتِلافِ الأئِمَّةِ: إنَّ لِلشّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما هَذا، والآخَرُ أنَّهُ يُرْجَمُ بِكُلِّ حالٍ، ولَمْ يَذْكُرْ لَهُ تَرْجِيحًا، وقالَ الغَزّالِيُّ، في الوَجِيزِ: ”اللِّواطُ يُوجِبُ قَتْلَ الفاعِلِ والمَفْعُولِ عَلى قَوْلٍ، والرَّجْمَ بِكُلِّ حالٍ عَلى قَوْلٍ، والتَّعْزِيرَ عَلى قَوْلٍ، وهو كالزِّنى عَلى قَوْلٍ“ وهَذا كَلامٌ غَيْرُ مُحَرَّرٍ. وفِي كِتابِ اخْتِلافِ الأئِمَّةِ لِابْنِ هُبَيْرَةَ الحَنْبَلِيِّ: أنَّ أظْهَرَ الرِّوايَتَيْنِ عَنْ أحْمَدَ أنَّ في اللِّواطِ الرَّجْمَ بِكُلِّ حالٍ، أيْ مُحْصَنًا كانَ أوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، وفي رِوايَةِ عَنْهُ أنَّهُ كالزِّنى. وقالَ ابْنُ حَزْمٍ، في المُحَلّى: إنَّ مَذْهَبَ داوُدَ (p-٢٣٤)وجَمِيعِ أصْحابِهِ أنَّ اللُّوطِيَّ يُجْلَدُ دُونَ الحَدِّ، ولَمْ يُصَرَّحْ، فِيما نَقَلُوا عَنْ أبِي حَنِيفَةَ وصاحِبَيْهِ، ولا عَنْ أحْمَدَ، ولا الشّافِعِيِّ بِمُساواةِ الفاعِلِ والمَفْعُولِ بِهِ في الحُكْمِ إلّا عِنْدَ مالِكٍ، ويُؤْخَذُ مِن حِكايَةِ ابْنِ حَزْمٍ في المُحَلّى: أنَّ أصْحابَ المَذاهِبِ المُخْتَلِفَةِ في تَعْزِيرِ هَذِهِ الفاحِشَةِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الفاعِلِ والمَفْعُولِ إلّا قَوْلًا شاذًّا لِأحَدِ فُقَهاءِ الشّافِعِيَّةِ رَأى أنَّ المَفْعُولَ أغْلَظُ عُقُوبَةً مِنَ الفاعِلِ. ورَوى أبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والتِّرْمِذِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وقالَ في إسْنادِهِ، مَقالٌ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «مَن وجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فاقْتُلُوا الفاعِلَ والمَفْعُولَ بِهِ» وهو حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَدْ عَلِمْتَ اسْتِشارَةَ أبِي بَكْرٍ في هَذِهِ الجَرِيمَةِ، ولَوْ كانَ فِيها سَنَدٌ صَحِيحٌ لَظَهَرَ يَوْمَئِذٍ.


ركن الترجمة

In preference to women you satisfy your lust with men. Indeed you are a people who are guilty of excess."

Certes, vous assouvissez vos désirs charnels avec les hommes au lieu des femmes! Vous êtes bien un peuple outrancier.»

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :