موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [72] من سورة  

وَإِنْ يُّرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اُ۬للَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْۖ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌۖ


ركن التفسير

71 - (وإن يريدوا) أي الأسرى (خيانتك) بما أظهروا من القول (فقد خانوا الله من قبل) قبل بدر بالكفر (فأمكن منهم) ببدر قتلاً وأسراً فليتوقعوا مثل ذلك إن عادوا (والله عليم) بخلقه (حكيم) في صنعه

وقوله "وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل" أي "وإن يريدوا خيانتك" فيما أظهروا لك من الأقوال "فقد خانوا الله من قبل" أي من قبل بدر بالكفر به "فأمكن منهم" أي بالأسارى يوم بدر "والله عليم حكيم" أي عليم بفعله حكيم فيه قال قتادة: نزلت في عبدالله بن سعد بن أبي سرح الكاتب حين ارتد ولحق بالمشركين وقال ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس: نزلت في عباس وأصحابه حين قالوا لننصحن لك على قومنا وفسرها السدي على العموم وهو أشمل وأظهر والله أعلم.

﴿وإنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأمْكَنَ مِنهم واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ الضَّمِيرُ في ”يُرِيدُوا“ عائِدٌ إلى مَن في أيْدِيكم مِنَ الأسْرى. وهَذا كَلامٌ خاطَبَ بِهِ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ اطْمِئْنانًا لِنَفْسِهِ، ولِيُبَلِّغَ مَضْمُونَهُ إلى الأسْرى، لِيَعْلَمُوا أنَّهم لا يَغْلِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ. وفِيهِ تَقْرِيرٌ لِلْمِنَّةِ عَلى المُسْلِمِينَ الَّتِي أفادَها قَوْلُهُ: ﴿فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا﴾ [الأنفال: ٦٩]، فَكَمُلَ ذَلِكَ الإذْنُ والتَّطْيِيبُ بِالتَّهْنِئَةِ والطَّمْأنَةِ بِأنْ ضُمِنَ لَهم، إنْ خانَهُمُ الأسْرى بَعْدَ رُجُوعِهِمْ إلى قَوْمِهِمْ ونَكَثُوا عَهْدَهم وعادُوا إلى القِتالِ، بِأنَّ اللَّهَ يُمَكِّنُ المُسْلِمِينَ مِنهم مَرَّةً أُخْرى، كَما أمْكَنَهم مِنهم في هَذِهِ المَرَّةِ، أيْ: أنْ يَنْوُوا مِنَ العَهْدِ بِعَدَمِ العَوْدِ إلى الغَزْوِ خِيانَتَكَ، وإنَّما وعَدُوا بِذَلِكَ لِيَنْجُوا مِنَ القَتْلِ والرِّقِّ، فَلا يَضُرُّكم ذَلِكَ لِأنَّ اللَّهَ يَنْصُرُكم عَلَيْهِمْ ثانِيَ مَرَّةٍ. والخِيانَةُ نَقْضُ العَهْدِ وما في مَعْنى العَهْدِ كالأمانَةِ. (p-٨٢)فالعَهْدُ، الَّذِي أعْطَوْهُ، هو العَهْدُ بِأنْ لا يَعُودُوا إلى قِتالِ المُسْلِمِينَ، وهَذِهِ عادَةٌ مَعْرُوفَةٌ في أسْرى الحَرْبِ إذا أطْلَقُوهم فَمِنَ الأسْرى مَن يَخُونُ العَهْدَ ويَرْجِعُ إلى قِتالِ مَن أطْلَقُوهُ. وخِيانَتُهُمَ اللَّهَ، الَّتِي ذُكِرَتْ في الآيَةِ، يَجُوزُ أنْ يُرادَ بِها الشِّرْكُ؛ فَإنَّهُ خِيانَةٌ لِلْعَهْدِ الفِطْرِيِّ الَّذِي أخَذَهُ اللَّهُ عَلى بَنِي آدَمَ فِيما حَكاهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وإذْ أخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيّاتِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] الآيَةَ. فَإنَّ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ في الفِطْرَةِ، وما مِن نَفْسٍ إلّا وهي تَشْعُرُ بِهِ، ولَكِنَّها تُغالِبُها ضَلالاتُ العاداتِ واتِّباعُ الكُبَراءِ مِن أهْلِ الشِّرْكِ كَما تَقَدَّمَ. وأنْ يُرادَ بِها العَهْدُ المُجْمَلُ المَحْكِيُّ في قَوْلِهِ: ﴿دَعَوا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ فَلَمّا آتاهُما صالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما﴾ [الأعراف: ١٨٩] ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالعَهْدِ ما نَكَثُوا مِنَ التِزامِهِمْ لِلنَّبِيءِ ﷺ حِينَ دَعاهم إلى الإسْلامِ مِن تَصْدِيقِهِ إذا جاءَهم بِبَيِّنَةٍ، فَلَمّا تَحَدّاهم بِالقُرْآنِ كَفَرُوا بِهِ وكابَرُوا. وجَوابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأمْكَنَ مِنهُمْ﴾ . وتَقْدِيرُهُ: فَلا تَضُرُّكَ خِيانَتُهم، أوْ لا تَهْتَمَّ بِها، فَإنَّهم إنْ فَعَلُوا أعادَهُمُ اللَّهُ إلى يَدِكَ كَما أمْكَنَكَ مِنهم مِن قَبْلُ. قَوْلُهُ: ﴿فَأمْكَنَ مِنهُمْ﴾ سَكَتَ مُعْظَمُ التَّفاسِيرِ وكُتُبُ اللُّغَةِ عَنْ تَبْيِينِ حَقِيقَةِ هَذا التَّرْكِيبِ وبَيانِ اشْتِقاقِهِ وألَمَّ بِهِ بَعْضُهم إلْمامًا خَفِيفًا بِأنْ فَسَّرُوا أمْكَنَ بِـ ”أقْدَرَ“ فَهَلْ هو مُشْتَقٌّ مِنَ المَكانِ أوْ مِنَ الإمْكانِ بِمَعْنى الِاسْتِطاعَةِ أوْ مِنَ المَكانَةِ بِمَعْنى الظَّفَرِ. ووَقَعَ في الأساسِ: أمْكَنَنِي الأمْرُ، مَعْناهُ: أمْكَنَنِي مِن نَفْسِهِ وفي المِصْباحِ: مَكَّنْتُهُ مِنَ الشَّيْءِ تَمْكِينًا وأمْكَنْتُهُ: جَعَلْتُ لَهُ عَلَيْهِ قُدْرَةً. والَّذِي أفْهَمُهُ مِن تَصارِيفِ كَلامِهِمْ أنَّ هَذا الفِعْلَ مُشْتَقٌّ مِنَ المَكانِ وأنَّ الهَمْزَةَ فِيهِ لِلْجَعْلِ وأنَّ مَعْنى أمْكَنَهُ مِن كَذا: جَعَلَ لَهُ مِنهُ مَكانًا أيْ مَقَرًّا وأنَّ المَكانَ مَجازٌ أوْ كِنايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ في تَصَرُّفِهِ كَما يَكُونُ المَكانُ مَجالًا لِلْكائِنِ فِيهِ. (p-٨٣)و(مِن) الَّتِي يَتَعَدّى بِها فِعْلُ ”أمْكَنَ“ اتِّصالِيَّةٌ مِثْلُ الَّتِي في قَوْلِهِمْ: لَسْتُ مِنكَ ولَسْتَ مِنِّي. فَقَوْلُهُ - تَعالى: ﴿فَأمْكَنَ مِنهُمْ﴾ حُذِفَ مَفْعُولُهُ لِدَلالَةِ السِّياقِ عَلَيْهِ، أيْ أمْكَنَكَ مِنهم يَوْمَ بَدْرٍ، أيْ لَمْ يَنْفَلِتُوا مِنكَ. والمَعْنى أنَّهُ أتاكم بِهِمْ إلى بَدْرٍ عَلى غَيْرِ تَرَقُّبٍ مِنكم فَسَلَّطَكم عَلَيْهِمْ. واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ تَذْيِيلٌ، أيْ عَلِيمٌ بِما في قُلُوبِهِمْ حَكِيمٌ في مُعامَلَتِهِمْ عَلى حَسَبِ ما يَعْلَمُ مِنهم.


ركن الترجمة

If they try to deceive you, remember they have deceived God before. So He gave you mastery over them, for God is all-knowing and all-wise.

Et s'ils veulent te trahir..., c'est qu'ils ont déjà trahi Allah [par la mécréance]; mais Il a donné prise sur eux [le jour de Badr]. Et Allah est Omniscient et Sage.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :