ركن التفسير
11 - (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير)
يخبر تعالى عن عباده المؤمنين أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بخلاف ما أعـد لأعدائه من الحريق والجحيم ولهذا قال "ذلك الفوز الكبير".
﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهم جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ ذَلِكَ الفَوْزُ الكَبِيرُ﴾ . يَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا ناشِئًا عَنْ قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ [البروج: ١٠] المُقْتَضِي أنَّهم إنْ تابُوا لَمْ يَكُنْ لَهم عَذابُ جَهَنَّمَ فَيَتَشَوَّفُ السّامِعُ إلى مَعْرِفَةِ حالِهِمْ أمَقْصُورَةٌ عَلى السَّلامَةِ مِن عَذابِ جَهَنَّمَ أوْ هي فَوْقَ ذَلِكَ، فَأُخْبِرَ بِأنَّ لَهم جَنّاتٍ فَإنَّ التَّوْبَةَ الإيمانُ، فَلِذَلِكَ جِيءَ بِصِلَةِ آمَنُوا دُونَ: تابُوا، لِيَدُلَّ عَلى أنَّ الإيمانَ والعَمَلَ الصّالِحَ هو التَّوْبَةُ مِنَ الشِّرْكِ الباعِثِ عَلى فَتْنِ المُؤْمِنِينَ، وهَذا الِاسْتِئْنافُ وقَعَ مُعْتَرِضًا. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اعْتِراضًا بَيْنَ جُمْلَةِ ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ﴾ [البروج: ١٠] وجُمْلَةِ ﴿إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: ١٢] اعْتِراضًا بِالبِشارَةِ في خِلالِ الإنْذارِ لِتَرْغِيبِ المُنْذَرِينَ في الإيمانِ، ولِتَثْبِيتِ المُؤْمِنِينَ عَلى ما يُلاقُونَهُ مِن أذى المُشْرِكِينَ عَلى عادَةِ القُرْآنِ في إرْدافِ الإرْهابِ بِالتَّرْغِيبِ. والتَّأْكِيدُ بِـ إنَّ لِلِاهْتِمامِ بِالخَبَرِ. والإشارَةُ في ذَلِكَ إلى المَذْكُورِ مِنِ اخْتِصاصِهِمْ بِالجَنّاتِ والأنْهارِ. والكَبِيرُ: مُسْتَعارٌ لِلشَّدِيدِ في بابِهِ، والفَوْزُ: مَصْدَرٌ.